للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يلزمه أجرة.

ولما كان الاستحقاق من آثار الغصب ذكره بعده بقوله:

(فصل)

في الاستحقاق

وهو رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله أو حرية وحكمه: الوجود [١] إن توفرت [٢] أسبابه في الحر أو غيره إن ترتب على عدم القيام به مفسدة؛ كالوطء الحرام، وإلا جاز.

وسببه: قيام البينة على عين الشيء المستحق: أنه ملك للمدعي لا يعلمون خروجه ولا خروج شيء منه عن ملكه إلى الآن. ويمنعه: عدم قيام المدعي بلا عذر مدة أمد الحيازة أو اشتراؤه من حائزه من غير بينة يشهدها سراً قبل الشراء: بأني إنما قصدت شراء [٣] ظاهراً خوف أن يفيته علي بوجه لو ادعيت به عليه.

وبدأ بمسألة الزرع لكثرة وقوعها والتفصيل فيها فقال: (إن زرع متعد) بغصب الأرض أو منفعتها (الأرض) التي استولى عليها (فقدر عليه): بعد أن زرع (فإن لم ينتفع بالزرع) بأن لم يبلغ حد الانتفاع به - سواء برز على الأرض أم لم يبرز - (أخذ بلا شيء) في مقابلة البذر والعمل، وإن شاء أمره بقلعه. (وإلا) بأن بلغ حد الانتفاع به ولو لرعي (فله): أي للمستحق (قلعه): أي أمر ربه بقلعه وتسوية أرضه، فالخيار للمستحق (إن لم يفت وقت ما تراد) الأرض (له) مما شأنه أن يزرع فيها غالباً، لا خصوص الزرع الذي زرعه المتعدي خاصة.

وقيل: أبان [٤] ما زرعه خاصة. (وله) أي للمستحق (أخذه): أي [٥]: الزرع (بقيمته مقلوعاً) بعد إسقاط كلفة لم يتولها الغاصب. فحاصله: أنه إذا لم يفت وقت الإبان فالخيار للمستحق؛ إما أن يأمره بقلعه أو يدفع له قيمته مقلوعاً على ظاهر المدونة واختاره اللخمي. (وإلا) بأن فات وقت ما تراد له (فكراء سنة) يلزم المعتدي، وليس لربها كلام والزرع للغاصب. هذا هو الراجح، وقيل: للمستحق قلعه أيضاً وأخذ أرضه كما إذا لم يفت وقت الإبان، واختاره ابن يونس وقيل الزرع لرب الأرض فله أخذه ولو طاب وحصد واختاره غير واحد، فكل من الأقوال رجح. ورجح الشيخ الأول تبعاً للخمي.

وشبه في وجوب الكراء وتبقية الزرع لزارعه قوله: (كأن استحقت): الأرض التي زرعت (من ذي شبهة): كوارث أو مشتر أو مكتر من غير غاصب أو من غاصب ولم يعلموا بالغصب (أو) من (مجهول) لم يعلم هل هو متعد أو لا، إذ الأصل عدم العداء فاستحقها ربها (قبل فوات الإبان): فليس للمستحق الإكراء [٦] تلك السنة، وليس له قلع الزرع؛ لأن الزارع غير متعد، فإن فات الإبان فليس للمستحق على الزارع شيء؛ لأنه قد استوفى منفعتها، والغلة لذي الشبهة أو المجهول للحكم كما يأتي.

ــ

وإن برئ على غير شين فلا شيء عليه غير الأدب في العمد.

قوله: [فلا يلزمه أجرة]: أي اتفاقاً، فإن كان فيه القصاص فإنما يلزمه القصاص ولا يلزمه شيء زائد على ذلك.

فصل في الاستحقاق

هو لغة إضافة الشيء لمن يصلح له، وله فيه حق؛ كاستحقاق هذا من الوقف مثل فصل: بوصف الفقر أو العلم.

قوله: [بثبوت ملك]: أخرج به رفع الملك بالعتق حالاً.

وقوله: [قبله]: أخرج به رفع الملك بثبوت ملك بعده كما في الهبة والصدقة والبيع والإرث.

قوله: [أو حرية]: أي أو رفع ملك بحرية فحرية عطف على ملك من قوله بثبوت ملك إلخ، وزاد ابن عرفة في التعريف بغير عوض قال الخرشي وقوله بغير عوض أخرج به ما وجد في المغانم بعد بيعه أو قسمه فإنه لا يؤخذ إلا بثمنه فلولا زيادة هذا القيد لكان الحد غير مطرد.

قوله: [وحكمه الوجوب]: أي كما قال ابن عرفة.

قوله: [إن توافرت أسبابه]: مراده بالأسباب الجنس الصادق بواحد بدليل قوله فيما سيأتي وسببه قيام البينة.

قوله: [وسببه قيام البينة]: أي وأما شروطه فثلاثة: الأول: الشهادة على عينه إن أمكن وإلا فحيازته، والثاني: الإعذار في ذلك للحائز، فإذا ادعى مدفعاً أجله فيه بحسب ما يراه، والثالث: يمين الاستبراء.

قوله: [ويمنعه عدم قيام المدعي]: إلخ أي أحد أمرين سكوت أو فعل؛ فالسكوت أشار له الشارح بقوله: عدم قيام المدعي، والفعل أشار له بقوله: أو اشتراه من حائزه إلخ.

قوله: [وإن شاء أمره بقلعه]: أي فالخيار له لا للزارع، ولا يجوز أن يتفقا على إبقائه في الأرض بكراء؛ لأنه يؤدي لبيع الزرع قبل بدو صلاحه.

قوله: [فالخيار للمستحق]: حقه التأخير بعد قوله وله أخذه بقيمته مقلوعاً إن لم يفت وقت ما تراد الأرض له أي وقت زرع تراد الأرض له، وهذا شرط في قوله أخذ بلا شيء، وفي قوله فله قلعه.

قوله: [الذي زرعه المتعدي خاصة]: أي كقمح مثلاً.

قوله: [بقيمته مقلوعاً]: قال (عب): وكما له أخذه بقيمته له إبقاؤه لزارعه وأخذ كراء السنة منه في الفرض المذكور وهو بلوغ الزرع حد الانتفاع به، ولم يفت وقت ما تراد له الأرض دون القسم الأول، وهو ما إذا لم يبلغ الذرع حد الانتفاع به فليس له إبقاؤه وأخذ كرائها منه، والفرق أن في الأول بيع الزرع قبل بدو صلاحه؛ لأن صاحب الأرض لما مكنه الشرع من أخذه بلا شيء فإبقاؤه لزارعه بكراء كان ذلك الكراء عوضاً عنه فهو بيع له قبل بدو صلاحه.

قوله: [واختاره اللخمي]: قال ابن رشد: هو ظاهر المدونة في كراء الأرضين.

قوله: [فليس للمستحق على الزارع شيء]: أي في غير وارث الغاصب لما سيأتي في قوله: "بخلاف وارث


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (الوجوب)، ولعلها أولى.
[٢] في ط المعارف: (توافرت).
[٣] في ط المعارف: (شراءه)، ولعلها الصواب.
[٤] في ط المعارف: (إبان)، ولعلها الصواب.
[٥] ليست في ط المعارف.
[٦] في ط المعارف: (إلا كراء).

<<  <  ج: ص:  >  >>