للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومما يعد رضا وغير ذلك كما تقدم، فقوله: (كالبيع) راجع للثلاث مسائل قبله فيفيد القيود المذكورة في كل، فقوله: "وآخر ديناً" أي إن جاز بيعه كالبيع، وقوله: "قطنية" إلخ أي إن كان مناجزة كالبيع، وقوله "خياره" أي إن وجد شرطه المتقدم كالبيع. على أن قوله أولاً: "فكالبيع" يفيدها عند التأمل إلا أنه لما كان الشأن أنه قد يغفل عنه أتى به زيادة للإيضاح والخيار المذكور كما يجوز في المراضاة يجوز في القرعة أيضاً.

(و) جاز (أخذ كل) من الشريكين (أحد مزدوجين) كخف ونعل لما في الرضا من التسامح.

(و) القسم الثالث: (قرعة): أي قسمة قرعة، وهي المقصودة من هذا الباب؛ لأن المهايأة في المنافع كالإجارة، وقسمة المراضاة في الذات كالبيع، ولكل من الإجارة والبيع باب يخصه وقسمة القرعة: تميز [١] حق في مشاع بين الشركاء، لا بيع؛ فلذا يرد فيها بالغبن ولا بد فيها من مقوم ويجبر عليها من أباها، ولا تكون إلا فيما تماثل أو تجانس ولا يجوز فيها الجمع بين حظ اثنين. (فيفرد) فيها (كل نوع أو صنف) ليقسم على حدته من عقار أو حيوان أو عرض، احتمل القسمة في ذاته أو لا. قال ابن رشد: لا يجمع في القسمة بالسهم الدور مع الحوائط، ولا مع الأرضين، ولا الحوائط مع الأرض؛ بل يقسم كل شيء من ذلك على حدته؛ كما أشار له بقوله: (كدور وأقرحة): يفرد كل منهما على حدته ليقسم، والأقرحة جمع قراح بالفتح وتخفيف الراء: أرض الزراعة.

(فإن لم يمكن) قسمه كنخلة وعبد ودار صغرت وحمام، (بيع) وقسم ثمنه.

(ويقسم العقار والمقوم بالقيمة) لا بالمساحة ولا بالعدد، فقد يكون فدان أو عبد أو ثوب قيمته عشرة وقيمة الآخر مائة لجودته والرغبة فيه، فقد يقابل شيء بمثله أو أكثر، إلا أن يكون أرض أو غيرها مستوية جودة أو رداءة ورغبة فلا يحتاج لتقويم بل تقسم بالمساحة أو العدد - وأما المثلي - كالدراهم والدنانير والحبوب والقطن والحديد - فإنها تقسم بالعدد أو الكيل أو الوزن ولا تحتاج لقرعة. وقيل: يجوز قسمة بالقرعة أيضاً، ولا وجه له إلا في نحو حلي.

(وكفى قاسم) واحد؛ لأن طريقه الإخبار كالقائف والطبيب والمفتي (بخلاف المقوم) للمتلفات فلا بد فيه [٢] من التعدد؛ لأنه يترتب على تقويمه قطع أو غرم، وليس المراد المقوم للسلع المقسومة بالقرعة، فإن المقوم فيها هو القاسم ويكفي فيه الواحد وهو ظاهر كما ذكره الحطاب والخرشي. وما قيل بل الذي يفيده كلامهم - أنه لا بد من تعدد المقوم في القسمة بخلاف القاسم فيكفي الواحد وأن المقوم غير القاسم فبعيد جداً، فتأمل.

(وأجره) أي القاسم (بالعدد)

ــ

إلا ركوبها في البلد فاليومان وخارجه فالبريدان.

قوله: [ومما يعد رضا]: أي لقول المصنف فيما تقدم: وانقطع، بما دل على الإمضاء أو الرد وبمضي زمنه، فيلزم المبيع من هو بيده، وله الرد في كالغد ولا يقبل منه بعده أنه اختار أو رد إلا ببينة؛ فالكتابة والتدبير والتزويج والتلذذ والرهن والبيع والتسوق والوسم وتعمد الجناية والإجارة من المشتري رضا ومن البائع رد إلا الإجارة. اهـ.

قوله: [يجوز في القرعة أيضاً] أي بخلاف المسألتين قبلها.

قوله: [كخف ونعل]: أي يأخذ أحدهما فردة خف والآخر الفردة الأخرى والنعل كذلك، وأدخلت الكاف المصراعين والقرطين، بخلاف قسم الأم العاقلة من ولدها قبل الإثغار فلا يجوز التراضي على ذلك لا في البيع ولا في القسمة.

قوله: [فلذا يرد فيها بالغبن]: أي ولو كانت بيعاً لم يرد فيها بالغبن؛ لأن الغبن لا يرد به.

قوله: [من مقوم]: بكسر الواو اسم فاعل: وهو المعدل للأنصباء.

قوله: [ويجبر عليها من أباها]: أي ولو كانت بيعاً فلا يجبر عليها من أباها؛ لأن البيع لا بد فيه من رضا المتبايعين.

قوله: [بالسهم]: المراد به القرعة.

قوله: [يفرد كل منهما]: أي من الدور أو الأقرحة.

قوله: [ويقسم العقار والمقوم بالقيمة]: أي ويشترط لجمع الدور مع بعضها، أو الأقرحة مع بعضها شرطان سيأتي الكلام عليهما. وعطف "المقوم" على "العقار" من عطف العام على الخاص.

قوله: [ورغبة]: إنما عطفها بالواو؛ لأنها تجامع الجودة والرداءة، بخلاف الرداءة فلا تجامع الجودة فلذلك عطفها بأو.

قوله: [فإنها تقسم بالعدد أو الكيل أو الوزن]: راجع لقوله: "كالدراهم والدنانير والحبوب والقطن والحديد" على سبيل اللف والنشر المرتب.

قوله: [وقيل يجوز قسمه بالقرعة]: قائله ابن عرفة.

قوله: [ولا وجه له]: أي لأنه لا بد فيها من مقوم والتقويم منتف هنا.

وقوله: [إلا في نحو حلي]: أي لاختلاف الرغبة في أصنافه فيدخله التقويم.

قوله: [وكفى قاسم]: المراد الكفاية في الإجزاء وأشعر كلامه أن الاثنين أولى، وبه صرح ابن الحاجب. ولا يشترط فيه عدالة بل يجري ولو عبداً أو كافراً إلا أن يكون مقاماً من القاضي فلا بد فيه من العدالة.

قوله: [بل الذي يفيده كلامهم] إلخ: مقول القول.

وقوله: [فبعيد]: خبر المبتدأ الذي هو "ما"، والحاصل: أن المعول عليه أن المقوم لا يشترط فيه التعدد إلا إذا كان يترتب على تقويمه حد كسرقة، أو غرم كتقويم المسروق وأرش الجناية والمغصوب. وإنما اشترط فيه التعدد؛ لأنه كالشاهد على القيمة، وأما القاسم والمقوم للقسم فهو نائب عن الحاكم فاكتفي فيه بالواحد على المعول عليه، كما يؤخذ من الحاشية.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (تمييز)، ولعلها الصواب.
[٢] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>