للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه من زيادة العمل الذي له بال (وكنس عين) أو بئر للحائط (وشد حظيرة) من الحظر وهو المنع، والمراد بها: الأعواد ذات الشوك غالباً تجعل فوق الحائط لمنع من يتسور على الحائط ومعنى شدها: ربطها إذا وهت أو وقع منها شيء (وإصلاح ضفيرة) وهي مجمع الماء الذي يرسل على الأشجار. فإن لم تشترط هذه الأربعة على العامل فعلى ربها إلا لعادة فالعادة كالشرط.

(و) جاز (مساقاة سنين) في عقد ولو كثرت (ما لم تكثر جداً) فإن كثرت جداً (بلا حد) مخصوص للكثرة بل المدار السنين التي لا تتغير فيها الأصول عادة - وذلك يختلف باختلاف الأصول وأمكنتها وقدمها وجدتها - لم تجز، قيل لمالك: العشرة؟ فقال: لا أدري عشرة ولا عشرين ولا ثلاثين اهـ. (و) ما (لم يختلف الجزء) في السنين، فإن اختلف - بأن كان في سنة يخالف غيره في أخرى - لم يجز.

وكذا يجوز مساقاته على حوائط متعددة في عقد واحد إن اتفق الجزء، وإلا لم يجز. وأما في عقود فيجوز مع اختلافه واتحاده. ثم إن المساقاة إن وقعت في سنة أو أكثر فلا بد من توقيتها بوقت ينتهي به الجذاذ سواء وقع بلفظ الجذاذ أو بشهر يقتضي ذلك. ولا يجوز أن توقت بزمان يزيد على الجذاذ عادة لما فيه من الزيادة على العامل، وهو يقتضي الفساد.

(فإن لم توقت) بوقت (فالجذاذ) أي فانتهاؤها الجذاذ. فإذا كانت الأنواع لا تختلف كالنخل والرمان فظاهر (و) إذا كانت تختلف وتتميز البطن الأولى عن الثانية (حملت على أول بطن) إلا أن يشترط دخول الثانية. فإذا كانت بطونه لا تتميز - كالنبق والجميز والتوت - حملت على آخر بطن.

(وشرط) صحة مساقاة (الزرع) زيادة على ما تقدم (والقصب) الحلو بفتح الصاد المهملة (والبصل والمقثاة): بكسر الميم وسكون القاف ومنها الباذنجان والقرع ثلاثة: الأول: (عجز ربه) عن القيام به (و) الثاني: (خوف هلاكه) لو لم يقم بشأنه من سقي وعمل (و) الثالث (بروزه) من أرضه ليشابه الشجر. وأما إذا شرط ألا يبدو صلاحه، وألا يكون مما لا يخلف احترازاً عن نحو القضب بالضاد المعجمة والقرط فمعلوم مما تقدم فلا حاجة لزيادتهما هنا.

(و) إذا وجدت هذه الشروط وجازت المساقاة على الزرع ونحوه، وكان في الأرض شجر قليل متفرق (دخل) في المساقاة (شجر تبع زرعاً): بأن كانت قيمته قدر ثلث قيمة الزرع فأقل، فيدخل الشجر لزوماً على الجزء المشترط في الزرع، ولا يجوز إلغاؤه للعامل أو لربه، وعكسه كذلك: أي يدخل لزوماً، ولا يجوز إلغاؤه لواحد منهما زرع تبع شجر [١].

(وجاز إدخال بياض شجر أو) بياض (زرع) في عقد المساقاة؛ والبياض: الأرض الخالية من الشجر أو الزرع؛ سمي بياضاً لأن أرضه مشرقة بالنهار بضوء الشمس وبالليل بضوء الكواكب، فإذا استترت بالزرع أو الشجر سميت سواداً: يعني أن بياض الشجر أو بياض الزرع الذي تجوز فيه المساقاة

ــ

قوله: [فإنه من زيادة العمل الذي له بال]: أي فتفسد باشتراطه.

قوله: [وجاز مساقاة سنين]: أي أو شهوراً.

قوله: [لم تجز]: جواب الشرط الذي هو قوله: "فإن كثرت".

قوله: [قيل لمالك] إلخ: هذا سؤال عن الكثير جدّاً الذي لم يجز.

قوله: [فقال لا أدري]: المقصود من جوابه عدم التحديد بعدد، وإنما المدار على تغير الأصول وهو يختلف باختلاف الأشجار والأمكنة.

قوله: [وكذا يجوز]: تشبيه في قوله: "وجاز مساقاة سنين" إلخ أي: فلا فرق بين كون السنين في حائط واحد أو حوائط بالشرطين اللذين ذكرهما المصنف.

قوله: [إن اتفق الجزء]: أي وإن كانت مختلفة في النوع والصفة، وكلام الشارح صادق بما إذا اتحد العامل ورب الحائط أو تعدد كل منهما أو اتحد أحدهما وتعدد الآخر، وهو صحيح مطابق لما في أبي الحسن كما في الخرشي.

قوله: [ينتهي به الجذاذ]: مثلاً، إذا كانت المدة ثلاث سنين أو ثلاثين شهراً فلا بد أن يكون الانتهاء شهراً يكون فيه الجذاذ.

قوله: [عجز ربه]: ومن العجز اشتغاله عنه بالسفر كما في التوضيح عن الباجي.

قوله: [خوف هلاكه]: أي ولا يلزم من عجز ربه خوف هلاكه؛ لأنه قد يعجز ربه والسماء تسقي الزرع وكلام المدونة صريح في اشتراط هذا الشرط كما في نقل المواق، فسقط اعتراض البساطي: بأن هذا الشرط ليس صريحاً في كلامهم.

قوله: [بروزه من أرضه]: إن قيل: لا معنى لاشتراط هذا الشرط؛ إذ لا يسمى زرعاً أو قصباً أو بصلاً مثلاً إلا بذلك، وقبله لا يسمى بهذا الاسم حقيقة؟ والجواب: أن هذا الاسم يطلق على البذر مجازاً باعتبار ما يؤول إليه، فاشتراط الشرط المذكور لدفع توهم أن المراد بالزرع وما معه ما يشمل البذر.

قوله: [وإذا وجدت هذه الشروط]: أي الخمسة: الثلاثة المذكورة هنا وعدم بدوِّ الصلاح، وعدم الخلف المعلومان مما تقدم.

قوله: [وجازت المساقاة]: أي باستيفاء الشروط وانتفاء الموانع.

تنبيه: هل الورد والياسمين والقطن ونحوه من كل ما يجنى ثمرته ويبقى أصله فيثمر مرة أخرى كالزرع؟ فيشترط فيه الشروط الخمسة، أو كالشجر فيجوز مساقاته بشروطه فقط؟ قولان في خليل، وذكر ابن رشد: أن الورد والياسمين كالشجر بلا خلاف، وأن القطن، ومثله العصفر فيهما الخلاف، والراجح أنهما كالزرع فيشترط فيه الشروط الخمسة.

قوله: [زرع]: فاعل يدخل.

قوله: [سميت سواداً]: أي لحجب ما ذكر بهجة الإشراق فيصير ما تحته سواداً.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبي والمعارف، ولعل الصواب: (شجراً).

<<  <  ج: ص:  >  >>