للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجوز إدخاله في مساقاة ما ذكر، بشروط ثلاثة: أشار لأولها بقوله: (إن وافق الجزء) في البياض الجزء في الشجر أو الزرع، فإن اختلفا لم يجز وفسدت. ولثانيها بقوله: (وبذره العامل) من عنده. فإن دخلا على أن بذره على ربه لم يجز وفسدت. ولثالثها بقوله: (وقل) البياض أي كان قليلاً بالنسبة للشجر أو الزرع (كثلث) فدون: أي بأن تكون قيمته أي أجرته بالنسبة لقيمة الثمرة الثلث فأقل (بعد إسقاط كلفة الثمرة) كما لو كان كراؤه مفرداً مائة، وقيمة الثمرة بعد إسقاط ما ينفق عليها مائتان، فيعلم أن كراءه ثلث. فإن كان أكثر من الثلث لم يجز وفسدت.

(وألغي) البياض المذكور للعامل (إن سكتا) عند عقد المساقاة (عنه) بأن لم يدخل في المساقاة بشروطه المتقدمة، ولم يجعل لربه، فيكون للعامل وحده. (أو اشترطه العامل) لنفسه فيكون له أيضاً (فإن اشترطه ربه) لنفسه (فسد) عقد المساقاة لنيله من سقي العامل فيكون زيادة اشترطها عليه. ولذا لو كان بعلاً أو كان لا يسقى بماء الحائط بأن كان منعزلاً على حدة لجاز اشتراطه لنفسه. وهذا كله في البياض اليسير كما هو الموضوع. وأما الكثير الزائد قيمته على الثلث فلا يجوز إلغاؤه للعامل ولا إدخاله في عقد المساقاة، بل يكون لربه. وإلى ذلك أشار بقوله:

(كاشتراط العامل ما) أي بياضاً (كثر) لنفسه أو إدخاله في عقد المساقاة [١] (الفاسدة قبل العمل مطلقاً) سواء وجبت فيها أجرة المثل أو وجبت مساقاة المثل.

(أو) تفسخ (في أثنائه): أي العمل (إن وجبت) فيها (أجرة المثل) لا إن وجبت مساقاة المثل فلا تفسخ إن اطلع عليها بعد الشروع في العمل. وبين ما يجب فيه أجرة المثل بقوله:

(بأن خرجا عنها): أي عن المساقاة إلى إجارة فاسدة أو بيع فاسد كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها. وإنما فسخت في أثناء العمل؛ لأن للعامل فيها أجر ما عمل قل أو كثر فلا ضرر عليه في الفسخ.

وأما ما تجب فيه مساقاة المثل فإنما يفسخ ما لم يعمل، فإن عمل فقد فاتت بالعمل ووجب التمادي فيها إلى تمام سنة أو أكثر، ورد إلى مساقاة مثله للضرورة؛ لأنه لا يدفع للعامل نصيبه إلا من الثمرة فلو فسخت في الأثناء لزم ألا يكون له شيء وهو ضرر عليه فيما عمله، ومثل لما فيه أجرة المثل بالخروج عنها بقوله: (كاشتراطه زيادة عين أو عرض) من أحدهما للآخر، فيوجب أجرة المثل لخروجهما عنها؛ لأن الزيادة إن كانت من رب الحائط فقد خرجا عنها إلى الإجارة الفاسدة؛ لأنه كأنه استأجره على أن يعمل له في حائطه [٢] بما أعطاه من عين أو عرض وبجزء من ثمرته، وذلك إجارة فاسدة توجب الرد لأجرة مثله، ويحسب منها تلك الزيادة، ولا شيء له من الثمرة ولو بعد تمام العمل، وإن كانت الزيادة من العامل فقد خرجا عنها إلى بيع الثمرة قبل بدو صلاحها؛

ــ

قوله: [يجوز إدخاله في مساقاة ما ذكر]: حاصله أن للبياض أربعة أحوال: الأولى: إدخاله في المساقاة وتجوز بالشروط الثلاثة. الثانية: أن يشترطه رب الحائط لنفسه، فيمنع إن قل ويفسد العقد إن لم يكن منعزلاً على حدة.

الثالثة: أن يسكتا عنه، فبقي للعامل إن قل.

الرابعة: أن يشترطه العامل لنفسه، وهي جائزة أيضاً إن قل.

قوله: [إن وافق الجزء]: هذا هو المشهور ولم يشترط أصبغ موافقة الجزء، وقد جرى العرف عندنا أن البياض لا يعطى إلا بجزء أكثر فله مستند فلا يشوش على الناس إذ ذاك بذكر المشهور. قاله المسناوي. اهـ (بن).

قوله: [وبذره العامل من عنده]: أي واشترط بذره عليه؛ لأن الكلام في صحة العقد.

قوله: [ولا إدخاله في عقد المساقاة]: الحاصل: أن البياض إن كان كثيراً تعين أن يكون لربه، ولا يجوز اشتراطه للعامل ولا إدخاله في عقد المساقاة ولا يلغى للعامل عند السكوت عنه، وإن كان قليلاً ففيه الأحوال الأربعة المتقدمة.

قوله: [بل يكون لربه]: ظاهره كان منعزلاً عن الشجر أو لا. إن قلت: إذا كان كثيراً، وقلتم يقضى به لرب الحائط يلزم عليه الزيادة على العامل في سقي ما لا يعود عليه منه منفعة إن كان غير منعزل، وتقدم أن شرط زيادة لأحدهما على الآخر تفسد العقد؟ فلينظر ما الجواب.

قوله: [فإنه يفسد به العقد]: أي ويرد العامل إن عمل إلى مساقاة مثله في الحائط وإلى أجرة مثله في البياض.

قوله: [وتفسد المساقاة الفاسدة] إلخ: حاصله: أن المساقاة إذا وقعت فاسدة -لفقد شرط أو وجود مانع- فإذا اطلع عليها قبل العمل فسخت ولا علقة لأحد، سواء كان يجب فيها بعد التمادي أجرة المثل أو مساقاة المثل. وإن اطلع عليها بعد العمل، فإن وجب فيها أجرة المثل فسخت أيضاً وحاسب العامل بأجرة ما عمل، وإن كان الواجب فيها مساقاة المثل لم تفسخ بعد الشروع في العمل، وتبقى لانقضاء أمدها؛ لأن حق العامل في الثمرة، فلو فسخ العقد قبل طيبها لزم أن لا يكون للعامل شيء؛ لأن المساقاة كالجعل لا تستحق إلا بتمام العمل.

قوله: [كاشتراطه زيادة عين أو عرض]: هذا إذا كان لا ضرورة فإذا كانت ضرورة كألّا يجد ربه عاملاً إلا مع دفعه شيئاً زائداً على الجزء فيجوز كما ذكره ابن سراج كذا في الحاشية.

قوله: [فقد خرجا عنها]: أي عن حقيقة المساقاة.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (فإنه يفسد العقد (وتفسخ) المساقاة).
[٢] في ط المعارف: (حائط).

<<  <  ج: ص:  >  >>