للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يكن الأجر معيناً كـ أكرني دارك سنة مثلاً لأسكنها، أو: أرضك لأزرعها أو: دابتك لأسافر عليها لمكة مثلاً بكذا كعشرة دنانير أو ثوب أو عبد موصوف في الذمة. إلا أن وجوب تعجيل الأجر في هذين لحق الآدمي يقضى به عند التنازع فإن تراضيا على تأخيره جاز والعقد صحيح (أو عين) الأجر كـ هذا الثوب أو العبد فإنه يجب تعجيله، أي إن شرط التعجيل أو كان العرف تعجيله أخذاً من قوله الآتي: "وفسدت إن انتفى عرف تعجيل المعين". والتعجيل في هذه والتي بعدها حق لله تعالى؛ لأنه يلزم على تأخيره بيع معين يتأخر قبضه، لابتداء [١] الدين بالدين كالسلم كما قيل، لأن المعين ليس في الذمة. وإنما أخرنا قوله: "أو عين" عن قوله: "إن شرط" إلخ لكون التعجيل فيه وفيما يليه من حق الله تعالى كالسلم. وأما ما قبلهما الحق في تعجيلهما للآدمي كما تقدم. وعلى كل حال يرد عليه بحث الحطاب من أن قوله: "أو عين" مستغنى عنه بقوله: "إن شرط أو اعتيد"، أي: عين أم لا، فإن لم يشترط تعجيله ولم يعتد ففاسدة كما سينص عليه. ويجاب بأن يحمل الأولان على غير المعين لبيان أن التعجيل حق لغير الله، ويفرد المعين عما قبله لبيان أنه وما يليه حق التعجيل فيه لله تعالى، إلا أن هذا الجواب إنما يظهر لو أخره وضمه لما بعده كما فعلنا.

(أو) لم يعين (في مضمونة): أي ويجب تعجيل الأجر إذا لم يعين إذا كان في منافع مضمونة في ذمة المؤجر (لم يشرع فيها): أي في المنافع المضمونة. كـ: استأجرتك على فعل كذا في ذمتك، أي بنفسك أو غيرك، أو: على أن تحملني على دابة من دوابك لبلد كذا بدنانير مثلاً. فإن شرع فلا ضرر، وإن لم يشرع فيها - أي تأخر الشروع أكثر من ثلاثة أيام - فلا يجوز إلا إذا عجل جميع الأجرة، وإلا لأدى إلى ابتداء الدين بالدين؛ لأن ذمته مشغولة لك بمنافع الدابة مثلاً وذمتك مشغولة له [٢] بالدراهم أي الأجرة. وأما لو شرع في العمل أو السير لجاز تأخير الأجر لانتفاء الدين بالدين، بناء على أن قبض الأوائل

ــ

قوله: "بخلاف الكفاءة" إلخ.

قوله: [ولم يكن الأجر معيناً]: أي والحال أنه لم يكن الأجر معيناً؛ لأن الأجر المعين سيأتي بعد كانت المنافع معينة أم لاً.

قوله: [في هذين]: أي في شرط التعجيل أو اعتياده والحال أن الأجر غير معين، وإنما كان لحق الآدمي فقط لعدم المانع الشرعي في التأخير وظاهره لا فرق بين كون المنافع معينة أو مضمونة فصورها أربع، ولكن سيأتي أنه إذا كانت المنافع مضمونة والأجر غير معين يجب أحد أمرين إما التعجيل أو الشروع، وإن لم يشترط التعجيل ولم يعتد لحق الله، وهو ابتداء الدين بالدين المنهي عنه شرعاً ففي المفهوم تفصيل الكل فيه على ما سيأتي.

قوله: [فإن تراضيا على تأخيره جاز] إلخ: أي في غير المسألة التي يلزم فيها ابتداء الدين بالدين كما علمت.

قوله: [فإنه يجب تعجيله]: أي ولو حكماً ويغتفر التأخير ثلاثة أيام.

وحاصل ما في المقام أولاً وآخراً: أنه إن عين الأجر فلا بد من شرط التعجيل أو جريان العرف به، فإن لم يجر عرف ولم يشترط كان العقد فاسداً ولو عجل بالفعل ولا فرق بين كون المنافع المعقود عليها معينة أو مضمونة شرع فيها أم لا؛ فهذه أربع صحيحة وأربع فاسدة، إن كان عقد الإجارة على البت فإن كانت على الخيار فسد في الجميع كما في الحاشية، وإنما فسد في الجميع للتردد بين السلفية والثمنية؛ فهذه ست عشرة صورة، وإن كان الأجر غير معين وجب التعجيل إن شرط أو اعتيد كالمنافع معينة أو مضمونة شرع أم لا، فهذه أربع أيضاً صحيحة إن كان على البت فإن كان على الخيار فسدت الأربع للتردد فهذه ثمان، وإن لم يكن شرط ولا عادة بالتعجيل في هذه الأربع فإن كانت المنافع مضمونة لم يشرع فيها وجب التعجيل لحق الله، وإن كانت المنافع معينة شرع فيها أم لا أو مضمونة، وشرع فيها فلا يجب التعجيل للأجر، بل يجوز تأخيره هذا إذا كان على البت فإن كانت على الخيار فصحيحة أيضاً إلا في الصورة التي يجب فيها تعجيل الأجر لحق الله فجملة الصور اثنتان وثلاثون قد علمت أحكامها فتأمل.

قوله: [والتي بعدها]: أي وهي قوله أو لم يعين في مضمونة لم يشرع فيها وهي التي نبهنا عليها أولا.

قوله: [بيع معين يتأخر قبضه] أي في هذه، وأما التي بعدها فابتداء الدين بالدين كما سينبه عليه.

قوله: [كالسلم]: مثال للمنفي.

قوله: [لأن المعين ليس في الذمة]: علة للنفي.

قوله: [من حق الله تعالى كالسلم] أي: من حيث أن العلة في المنع إما بيع معين يتأخر قبضه أو ابتداء الدين بالدين؛ لأن هاتين العلتين من موانع السلم.

قوله: [يرد عليه]: أي على خليل.

قوله: [من أن قوله أو عين] إلخ: ليس هذا لفظ خليل، بل لفظه وعجل إن عين أو بشرط أو عادة.

قوله: [بأن يحمل الأولان]: المناسب لترتيب خليل أن يقول الأخيران.

قوله: [ويفرد المعين عما قبله]: المناسب عما بعده.

قوله: [لو أخره]: هذا مما يعين أن كلامه أولاً لا سبق قلم.

قوله: [أي ويجب تعجيل الأجر إذا لم يعين]: أي والحال أنه لم يجر عرف بالتعجيل ولا اشترط.

قوله: [في ذمتك] إلخ: ليس هذا التصريح لازماً، بل إن حصل العقد على الإطلاق فالمنافع مضمونة في الذمة سواء صرح بذلك أم لا.

قوله: [وإلا لأدى إلى ابتداء الدين بالدين]: أي لما فيه من


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (لا ابتداء)، ولعلها الصواب.
[٢] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>