لتنافرهما؛ لأن الجعالة غير لازمة بالعقد ولجواز الغرر فيها وعدم الأجل، بخلاف الإجارة. وكذا لا يصح اجتماع بيع مع جعل في صفقة.
(لا) إجارة مع (بيع): صفقة واحدة، فلا تفسد بل يصحان معاً سواء كانت الإجارة في نفس المبيع؛ كشرائه ثوباً أو جلوداً على أن يخيطه أو يخرزها البائع بكذا، أو في غيره كشرائه ثوباً بدراهم معلومة على أن ينسج له ثوباً آخر.
ثم عطف على قوله: "كمع جعل" مسائل تفسد فيها الإجارة للغرر بقوله: (وكجلد): جعل أجرة (لسلاخ): وأدخلت الكاف: اللحم كلاً أو بعضاً؛ فالإجارة فاسدة وقعت قبل الذبح أو بعده؛ لأنه لا يستحق جلدها إلا بعد السلخ. ولا يدري هل يخرج سليماً أو مقطعاً؛ هذا هو المشهور. وقيل بالجواز.
(ونخالة) جعلت أجرة (لطحان) لجهل قدرها، فلو استأجره بقدر معلوم من نخالة جاز، كما لو استأجره بجلد مسلوخ معلوم على أن يسلخ له شاة. فلو قال: "لسالخه وطاحنه" لكان أبين.
(أو جزء ثوب أو) جزء (جلد) كربع وثلث جعل أجرة (لنساج): أي لناسج ذلك الثوب (أو دباغ): أي لدابغ ذلك الجلد، ففي كلامه لف ونشر مرتب؛ أي: فيمنع ويفسخ لجهل صفة خروجه.
(وله) أي للأجير المتقدم (أجر مثله إن عمل) بأن سلخ الجلد أو طحن القمح أو نسج الثوب أو دبغ الجلد، وليس له الجلد الذي سلخه. وكذا ما بعده، ولا شيء له إن فسخ قبل العمل. قال في المدونة: وإن واجره على دبغ جلود أو عملها أو نسج ثوب على أن له نصفها إذا فرغ لم يجز. قال ابن القاسم: لأنه لا يدري كيف تخرج؛ ولأن مالكاً قال: ما لا يجوز بيعه لا يجوز أن يستأجر به. أصبغ؛ فإن نزل فله أجر عمله والثوب والجلود لربها.
(أو جزء رضيع): آدمي أو غيره جعل أجراً لمن يرضعه على أن يملكه بعد الرضاع بل (وإن) كان يملكه (من الآن)
ــ
إلحاق الحكم اللاحق بالحكم السابق لا تشبيه المتقدم بالمتأخر.
قوله: [لتنافرهما]: أي لتنافي أحكامهما.
قوله: [بخلاف الإجارة]: أي فإنها تلزم بالعقد، ويجوز فيها الأجل ولا يجوز فيها الغرر.
قوله: [وكذا لا يصح اجتماع بيع مع جعل]: أي لتنافي أحكامهما فالتعليل الذي تقدم في الإجارة مع الجعل يأتي هنا.
قوله: [بل يصحان معاً]: أي لتوافق أحكام البيع مع أحكام الإجارة في الأركان والشروط غالباً.
قوله: [كشرائه وثوباً أو جلوداً] إلخ: أي ويشترط في هذه الصورة شروعه وضرب أجل الإجارة ومعرفة خروجه عين عامله أم لا، أو إمكان إعادته كالنحاس على أن يصنعه قدحاً كما تقدم في السلم، فإن انتفى الأمران كالزيتون على أن يعصره فلا، وأما المسألة الثانية فتجوز من غير شرط.
قوله: [على أن ينسج له ثوباً آخر]: أي والحال أن الغزل من عند المشتري كما إذا قال له: آخذ منك هذا المقطع وانسج لي هذا الغزل مقطعاً آخر بهذين الدينارين.
قوله: [ثم عطف على قوله: كمع جعل] إلخ: أي وأما قوله لا بيع فهو معترض بين المعطوف والمعطوف عليه.
قوله: [كلاً أو بعضاً]: من ذلك الأكارع وظاهره كان الاستئجار على السلخ وحده أو عليه وعلى الذبح، لكن قال في الحاشية: والحاصل أن الاستئجار على السلخ بالأكارع مثل الرأس إن كان قبل الذبح لا يجوز وبعده يجوز بخلاف الإجارة بجلدها أو قطعة من لحمها على سلخها فلا يجوز سواء كان قبل الذبح أو بعده، وكذلك لا تجوز الإجارة على ذبحها بقطعة من لحمها. اهـ.
فائدة: يجوز بيع جلود نحو السباع من كل مكروه أكله على ظهرها قبل ذبحها وسلخها، بخلاف جلود نحو الغنم فلا يجوز قبل ذبحها وسلخها على المذهب، والفرق أن ما يؤكل لحمه لا يحتاط في حفظ الجلد، بخلاف ما يكره أكله فيحتاط في حفظ الجلد كما يؤخذ من الخرشي والحاشية، ومقتضى هذا الفرق جواز الاستئجار على ذبح السبع لجلده كما في (عب).
قوله: [ونخالة جعلت أجرة لطحان]: قال في الحاشية: الأصل من هذا القبيل ما يقع في بلاد الريف من دفع الزرع لمن يدرسه بنورجه وبهائمه ويأخذ تبنه في مقابلة درسه فهي إجارة فاسدة، وأما لو قال ادرسه ولك حملان تبنا من تبنه أو من غير تبنه جاز ذلك كذا كتب (بن) (عب). اهـ.
قوله: [فلو قال لسالخه وطاحنه] إلخ: أي ويصير المعنى ولا يجوز الإجارة بجلد المسلوخ لسالخه والمطحون لطاحنه.
قوله: [أجر مثله إن عمل]: أي والمصنوع لربه ما لم يفت بيد الصانع، فإن فات بيد الصانع بعد الدبغ أو النسج ببيع أو تلف أو حوالة سرق لزم صاحب الجلد أو الغزل أجرة المثل في دباغ جميع الجلد ونسج كل الغزل للصانع، ويغرم الصانع لصاحب الثوب أو الجلد قيمة النصف الذي جعل له لوقوع البيع فيه فاسداً وقد فات فيغرم قيمته مدبوغاً والنصف الآخر ملك لربه، وهذا كله إذا جعل له النصف بعد العمل وأما لو جعل له النصف في الغزل أو في الجلد من وقت العقد فإن شرط عليه أن يدبغه أو ينسجه مجتمعاً فلا يجوز أيضاً لأنه حجر عليه ومنعه من أخذ ما جعل له إلا بعد الدبغ أو النسج، فإن أفاتها بالشروع في الدبغ أو النسج فعلى الصانع قيمة النصف يوم القبض لأن البيع فاسد، وقد فات والنصف الآخر لربه، وعليه أجرة عمله فيه، وأما إن جعل له النصف من وقت العقد يفعل به ما شاء بلا حجر عليه