للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كنقلة لي ونقلة لك؛ فالأجرة هنا معلومة بخلاف ما تقدم. وقوله: "ولك نصفه": أي الحطب احترازاً من قوله: "ولك نصف ثمنه"، فلا يجوز للغرر. ومثل الدابة السفينة والشبكة ونحوهما فيجوز بنصف ما يحمله عليها إذا كان معيناً من مكان معين كما أفاده بقوله: "نحو" ودخل في استق عليها ولك نصف الماء.

(و) بخلاف نحو: (احصده ولك نصفه) مثلاً (فيجوز). أو: جذ نخلي هذا ولك نصفه، أو: القط زيتوني هذا ولك نصفه. أو: جز صوفي هذا ولك نصفه؛ كل ذلك جائز للعلم بالأجرة وما أوجر عليه، وأما: أحصد [١] وما حصدت فلك نصفه، أو: القط وما لقطت فلك نصفه، فجائز أيضاً إلا أنه من باب الجعالة فله الترك متى شاء بخلاف ما قبله فهو من الإجارة اللازمة. ويكون الدرس والتذرية عليهما، وتقدم أنه إن قال: احصده وادرسه ولك نصفه، أو. ادرسه فقط، ففاسد وله أجرة مثله لشدة الغرر. ثم الجواز مقيد بعدم تعيين الزمن، فإن عينه فسدت، قال فيها: وإن قال احصد اليوم أو القط اليوم وما اجتمع فلك نصفه، فلا خير فيه؛ إذ لا يجوز بيع ما يحصد اليوم، وما لم يجز بيعه لم يجز أن يستأجر به مع ضرب الأجل في الجعل، ولا يجوز في الجعل إلا أن يشترط أن يترك متى شاء فيجوز.

ثم شبه في الجواز قوله: (كإجارة)، أي كما يجوز إجارة (دابة لكذا): أي لمكان معلوم كمكة (على) أنه إن (استغنى فيها): أي في المدة أو المسافة المعينة لظفره بحاجته في أثناء الطريق (حاسب) ربها: أي كان له بحساب ما سار صعوبة وسهولة. ومحل الجواز (إن لم ينقد) الأجرة، فإن نقدها لم يجز لترددها بين السلفية والثمنية. وهذا القيد ذكره في المدونة والعتبية وذكره المصنف في التوضيح فكان عليه ذكره هنا.

(وإيجار): أي وكما يجوز إيجار شيء (مؤجر) بفتح الجيم: أي أن من أجر حيواناً أو غيره مدة معلومة كشهر أو سنة يجوز له أن يواجره قبل انقضائها مدة تلي مدة الإجارة الأولى للمستأجر الأول أو لغيره.

(أو) إيجار (ما): أي شيء بيع و (استثنيت منفعته): أي استثناها البائع؛ بأن باع عبداً أو داراً أو غير ذلك واستثنى منفعتها مدة معلومة، فللمشتري منه أن يؤاجر ما ذكر مدة تلي مدة الانتفاع أي على أن يقبضها المستأجر بعد مضي مدة الانتفاع. وسيأتي أنه يجوز استثناء السنة في الدار والسنتين في الأرض وثلاثة أيام في الدابة لا جمعة، وكره المتوسط.

(والنقد) بالجر، عطف على مدخول الكاف: أي وكجواز النقد (فيهما):

ــ

وإن لم يعلم قدره بدليل كلام ابن القاسم في مسألة الشبكة.

قوله: [كنقلة لي، ونقلة لك]: مثل ذلك لو قال له كل نقلة نصفها لي ونصفها لك.

قوله: [مثل الدابة السفينة والشبكة]: ابن القاسم يجوز دفع الشبكة لمن يصيد بها يوماً لنفسه ويوماً لصاحبه وفي الشهرين كثير لظهور الجهالة.

قوله: [إذا كان معيناً]: أي كما إذا كان يحمل عليها تبناً أو حطباً أو خشباً معيناً من بلد معينة.

تنبيه: لو تلفت الدابة بعد أخذ العامل ما يخصه وقبل أخذ ربها فلربها أن يأتي له بأخرى يعمل عليها ولابن القاسم في العتبية لربها كراؤها وهو أبين وأما لو تلفت بعد أخذ ربها ما يخصه وقبل أخذ العامل فعلى ربها أجرة عمله، وليس للعامل أن يخلف ربها دابة أخرى.

قوله: [للعلم بالأجرة وما أوجر عليه]: أي لكون كل منهما محصوراً مرئياً.

قوله: [إلا أنه من باب الجعالة]: أي والجعالة يجوز فيها الغرر لكونها منحلة من طرف العامل.

قوله: [ويكون الدرس والتذرية عليهما]: أي لأنهما صارا شركاء من حين الحصاد ويمنع قسمه قتاً لأنه خطر ويدخله التفاضل.

قوله: [لشدة الغرر]: أي في قدر الأجرة وصفتها؛ لأنه لا يعلمها إلا بعد التصفية.

قوله: [ثم الجواز مقيد بعدم تعيين الزمن] إلخ: هذا البحث يغني عنه ما سيأتي في قوله وفسدت إن جمعها وتساويا، ومحله هناك مع ما فيه من الركة.

قوله: [وهذا القيد]: أي الذي هو قوله إن لم ينقد قال ابن عاشر: تأمل ما وجه جواز هذه المسألة مع أن المؤجر لا يدري ما باع من المنفعة واستشكله الخرشي في كبيره بهذا أيضاً. وأجاب بأن الغرر هنا يسير يغتفر؛ لأن العادة أن من اكترى إلى موضع لا يستغنى قبل ذلك الموضع، وقول المصنف إن استغنى فيها أي ويصدق في دعواه الاستغناء لأنه أمين، وأما إن استأجره لهذا المكان وإن زاد فله بحساب ما اكترى لم يجز إلا إن عين غاية ما يزيد وما قيل في الدابة يقال في الدار والسفينة كما أفاده في الأصل.

قوله: [للمستأجر الأول أو لغيره]: أي ما لم يجر عرف بعدم إيجارها إلا للأول كالأحكار الموقوفة بمصر وإلا عمل به لأن العرف كالشرط وصورة ذلك أن يستأجر إنسان داراً موقوفة مدة معينة وأذن له الناظر بالبناء فيها ليكون له خلو في تلك المدة وجعل عليها حكراً كل سنة من تلك المدة لجهة الوقف فليس للناظر أن يؤاجرها لغير مستأجرها مدة تلي مدة إيجار الأول لجريان العرف باختصاص الأول بذلك ومحله إذا أراد أن يدفع الأول من الأجرة مثل ما يدفعه الغير وإلا جاز إيجارها للغير كذا يؤخذ من الحاشية.

قوله: [وثلاثة أيام في الدابة]: أي وعشرة في الرقيق.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (احصد)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>