(و) من (سفر بها): أي بزوجته المرضع فإن لم يأذن فله ذلك وتقدم أن له الفسخ.
(وكره حلي): أي إجارته، لأنه ليس من شأن الناس، والأولى إعارته لأنها من المعروف.
(و) كره (إيجار مستأجر دابة) ليركبها (لمثله) في الأمانة أو الخفة أو الثقل (ولو) كان المثل (فظاً): أي غليظاً مثل الأول، ولا ضمان عليه حينئذ إن تلفت الدابة أو ماتت بلا تفريط؛ فإن كان الأول هو الفظ فلا ضمان بالأولى. وإن كان الثاني هو الفظ ضمن. ومحل الكراهة إذا لم يعلم حال ربها، فإن علم أنه يرضى جاز وإن علم عدم الرضا لم يجز
(و) كره (أجرة على تعليم فقه وفرائض) كذا في المدونة (كبيع كتبه) أي ما ذكر من فقه وفرائض فإنه يكره، وأما علم الفرائض بالرسم فلا يكره أخذ الأجرة عليه؛ لأنه صنعة من الصنائع. لكن قال بعضهم: يجوز بيع الكتب الآن لأن حفظ الناس له وأفهامهم نقصت كثيراً حتى أن صاحب الكتاب قد ينسى ما كتبه فيراجع كتابه. وفي بيع الكتب انتشار العلم وسبب لحفظه وصونه فتأمل.
(و) كره أجرة (على قراءة) لقرآن (بلحن): أي تطريب وأنغام لأن القراءة على هذا الوجه مكروهة إذا لم يخرج عن حده وإلا حرمت كالقراءة بالشاذ.
(و) كره أجرة على (دف) بضم الدال: طبل مغشى من جهة كالغربال يسمى في العرف بالطار (ومعزف) واحد المعازف: وهو آلة اللهو فيشمل المزمار (لعرس): أي نكاح. ولا يلزم من جوازها فيه جواز الأجرة.
ــ
الزوج أو السيد ووطئها ولم تحمل فقيل لأهل الطفل فسخ الإجارة وقيل: لا.
قوله: [ومن سفر بها]: أي وأما لو أراد أهل الطفل السفر فلا يمكنون من أخذ الولد إلا إذا دفعوا للظئر جميع أجرتها حيث كانت وجيبة.
تنبيه: قال في المدونة ومن واجر ظئرين فماتت واحدة فللباقية أن ترضع وحدها، ومن واجر واحدة، ثم واجر أخرى فماتت الثانية فالرضاع للأولى لازم كما كانت، وإن ماتت الأولى فعليه أن يأتي بمن ترضع مع الثانية. اهـ.
قوله: [وكره حلي] بفتح الحاء وسكون اللام مفرداً وبضم الحاء، وكسر اللام جمعاً.
قوله: [أي إجارته]: أي وسواء كان ذلك الحلي ذهباً أو فضة أوجر بذهب أو فضة أو غيرهما كعرض أو طعام وظاهره كان محرم الاستعمال أم لا، وإنما لم تحرم إذا كان محرماً لأنه ليس محقق الاستعمال، وقيل: تحرم إن كان محرماً فهما طريقتان.
قوله: [فإن علم أنه يرضى جاز]: أي كما إذا أكراها بحضرته وهو ساكت من غير عذر، ومثله في الجواز أن تبدو له الإقامة وعدم الركوب للمحل الذي أكراها إليه ولو كان غير مضطر للإقامة، ومثل الدابة الثوب فيكره لمن استأجر ثوباً للبسه أن يكريه لمثله، ويقال فيه ما قيل في الدابة إلا أنهما يفترقان في الضمان فإن الدابة لا ضمان عليه فيها إن ضاعت بلا تفريطه أو ماتت، وأما الثوب فيضمنه إلا لبينة على تلفه بلا تفريط من الثاني لأن ضمان التهمة يزول بالبينة.
قوله: [كذا في المدونة]: مقابله الجواز لابن يونس، وإنما كره أخذ الأجرة عليه مخافة أن يقل طلاب العلم الشرعي ولأن الإجارة عليه خلاف ما عليه السلف الصالح، بخلاف القرآن فإنه تجوز الإجارة على تعلمه لرغبة الناس فيه ولو بأجرة ولأخذ السلف الأجرة على تعلمه ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله تعالى».
قوله: [كبيع كتبه]: أي: وكذا إجارتها.
قوله: [بالرسم]: أي بالغبار والشباك.
قوله: [لكن قال بعضهم]: مراده به اللخمي.
قوله: [فتأمل]: إنما أمر بالتأمل لتضارب العلل التي ذكرها فإن قوله لأن حفظ الناس. . . إلخ مما يناسب الكراهة.
وقوله وفي بيع الكتب إلخ، مما يناسب الجواز.
قوله: [أي تطريب] إلخ: إنما كره ذلك؛ لأن المقصود من القراءة التدبر والتفهم والتطريب ينافي ذلك، والمراد بالتطريب تقطيع الصوت بالأنغام والأهوية، وأما الإجارة على أصل التلاوة فتقدم جوازه وكذا على تعليمه مشاهرة ومقاطعة على جميعه أو على بعضه ووجيبة لمدة معلومة، فالمشاهرة غير لازمة لواحد منهما، وأما الوجيبة والمقاطعة فلازمتان لكل منهما، قال مالك: يجوز أن يشارط المعلم على الحذقة ضبطاً أو نظراً ولو سميا أجلاً، أصبغ إن تم الأجل ولم يحذقه فله أجر مثله، القابسي ففرق أصبغ بين ضرب الأجل للمعلم والخياط إذا كان الفعل يمكن الفراغ منه فيه، ابن عرفة سوى اللخمي وابن رشد بينهما.
فوائد: الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، يشمل الوالد بتعليمه ولده ولو بأجرة، وقد أجاب سحنون أبا ولد كان يطلب العلم عنده إذا توليت العمل بنفسك ولم تشغل ولدك عما هو فيه فأجرك في ذلك أعظم من الحج والرباط والجهاد.
الثانية: ذكر ابن عرفة عن القابسي أن على المعلم زجر الولد في تكاسله بالوعيد والتقريع لا بالشتم نحو يا قرد، فإن لم يفد فالضرب بالسوط من واحد إلى ثلاثة ضرب إيلام دون تأثير في العضو، فإن لم يفد زاد إلى العشرة فإن لم يفد فلا بأس بالزيادة عليها.
الثالثة: القابسي أما تعليمهم في المسجد فروى ابن القاسم إن بلغ الصبي مبلغ الأدب فلا بأس، وإن كان صغيراً يعبث فلا أحب ذلك.
الرابعة: سئل أنس كيف كان المؤدبون على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم؟ قال كان للمؤدب إناء فيه ماء طاهر