الموجود أو من سيوجد (ذمياً) فيصح الوقف عليه وسواء ظهرت قربة (أو لم تظهر قربة) كما لو كان الموقوف عليه غنياً.
(و) الرابع: (صيغة) صريحة (بـ وقفت أو حبست أو سبلت، أو) غير صريحة نحو: (تصدقت، إن اقترن بقيد) يدل على المراد نحو: لا يباع، ولا يوهب، أو تصدقت به على بني فلان طائفة بعد طائفة، أو عقبهم ونسلهم. فإن لم يقيد تصدقت بقيد يدل على المراد فإنه يكون ملكاً لمن تصدق به عليه فإن لم يحصر، كالفقراء والمساكين، بيع وتصدق بثمنه عليهم بالاجتهاد. والحاصل أن التحقيق أن حبست ووقفت يفيدان التأبيد مطلقاً قيد أو أطلق. وكذا سبلت - كان على معينين أم لا - حتى يقيد بأجل أو جهة تنقطع وأما تصدقت؛ فلا يفيد الوقف إلا بقيد يدل عليه. (أو) على (جهة لا تنقطع): عطف على "مقدر" أي: على معين أو جهة إلخ كالفقراء أو المساجد فإن كان بـ حبست أو وقفت فظاهر، وإن كان بـ تصدقت أو منحت فلا بد من قيد يفيد الوقف والتأبيد، وإلا كان ملكاً لهم على ما تقدم. (أو لمجهول حصر) كعلى فلان وعقبه ونسله، ولو بلفظ تصدقت لأن قوله: "وعقبه" وما في معناه يدل على التأبيد. والمراد بالمحصور ما يحاط بأفراده وبغيره ما لا يحاط بها كالفقراء والعلماء. (وناب عنها): أي عن الصيغة (التخلية) بين الناس (بكالمسجد) من رباط ومدرسة ومكتب وإن لم يتلفظ بها.
(ولا يشترط فيه): أي في الحبس (التنجيز)، فيجوز أن يقول: هو حبس على كذا بعد شهر أو سنة. (وحمل في الإطلاق عليه): أي على التنجيز للعتق. (كتسوية ذكر لأنثى)، فإنه يحمل إذا أطلق عليها، فإن قيد بشيء عمل به.
ــ
في الحال كالحيوان العاقل ونحو الرباط أو الاستقبال كمن سيولد.
قوله: [الموجود]: أي الصالح في الحال.
وقوله: [أو من سيوجد]: أي الصالح في الاستقبال.
قوله: [كما لو كان الموقوف عليه]: أي وهو من أهل الذمة وأما المسلم فالقربة فيه ظاهرة ولو غنياً.
قوله: [والرابع صيغة]: أي وما ناب عنها كما سيأتي في قوله وناب عنها التخلية بكالمسجد.
قوله: [طائفة بعد طائفة] إلخ: أي فهذه الألفاظ قرينة على الوقف لا على الصدقة الحقيقية التي هي التمليك بغير عوض.
قوله: [فإنه يكون ملكاً لمن تصدق به عليه]: أي فإن كان محصوراً صنع بها ما شاء بدليل ما بعده.
قوله: [بالاجتهاد]: أي فلا يلزم التعميم بل لمتولي التفرقة أن يعطي من شاء، ويمنع من شاء، وإنما كانت تباع؛ لأن بقاءها يؤدي للنزاع.
قوله: [مطلقاً]: من جملة معنى الإطلاق كان على معينين أو غيرهم الآتي بعد وإنما أفرد مسألته رداً على المخالف.
قوله: [حتى يقيد بأجل]: أي بأن يضرب للوقف أجلاً كعشر سنين مثلاً.
وقوله: [أو جهة تنقطع]: أي كما لو قيده بحياة شخص موقوف عليه.
قوله: [فلا يفيد الوقف]: أي أصل الوقف مؤبداً أو غير مؤبد.
قوله: [عطف على مقدر]: إنما قال عطف على مقدر ولم يجعله عطفاً على قوله بقيد؛ لرجوعه لجميع الصيغ الصريحة وغيرها فلذلك فصل الشارح الأحكام بعد.
قوله: [فلا بد من قيد يفيد الوقف]: أي كقوله: لا يباع ولا يوهب وكقوله على بني فلان طائفة بعد طائفة.
قوله: [والتأبيد]: لا حاجة له؛ لأن الوقف لا يشترط فيه التأبيد.
قوله: [أو لمجهول حضر]: معطوف على جهة واللام بمعنى على.
قوله: [كعلى فلان وعقبه]: وجه كونه مجهولاً أن العقب والنسل غير معلومين الصادق بمن وجد ومن سيوجد.
قوله: [يدل على التأبيد]: أي ما لم يقيد بأجل.
قوله: [كالفقراء والعلماء]: مثال لغير المحصور.
قوله: [وإن لم يتلفظ بها]: أي كما لو بنى مسجداً وخلى بينه وبين الناس ولم يخص قوماً دون قوم لا فرضاً دون نفل، ويثبت الوقف بالإشاعة بشروطها بأن يطول زمن السماع.
قال ابن سهل: وصفة شهادة السماع في الأحباس أن يشهد الشاهد أنه يعرف الدار التي بموضع كذا، وحدّها كذا وأنه لم يزل يسمع منذ أربعين سنة أو عشرين سنة متقدمة التاريخ عن شهادته هذه سماعاً فاشياً مستفيضاً من أهل العدل وغيرهم أن هذه الدار حبس على كذا أو حبس فقط، ويشهد الآخر بذلك بهذا جرى العمل. اهـ.
وإنما يقع الحكم بها بعد أن يعذر الحاكم لمن ينازع في ذلك ولم يبد رافعاً شرعياً. كذا في الحاشية، ويقوم مقام الصيغة أيضاً كتابة الوقف على الكتب إن كانت وقفيتها مقيدة بمدارس مشهورة وإلا فلا، ويقوم مقام الصيغة أيضاً الكتابة على أبواب المدارس والربط والأشجار القديمة وعلى الحيوان.
قال في حاشية الأصل: وحاصله أنه إذا وجد مكتوباً على كتاب وقف لله تعالى على طلبة العلم فإنه لا يثبت بذلك وقفيته حيث كانت وقفيته مطلقة، فإن وجد مكتوباً عليه وقف على طلبة العلم بالمدرسة الفلانية فإن كانت مشهورة بالكتب ثبتت وقفيته، وإن لم تكن مشهورة بذلك لم يثبت وقفيته.
قوله: [فيجوز أن يقول هو حبس] إلخ: أي ويلزم إذا جاء الأجل، كما إذا قال لعبده: أنت حر إلى أجل كذا فإنه يكون حراً إذا جاء الأجل الذي عينه ولا إشكال في لزوم العقد بالنسبة إلى الوقف والعتق، فإن حدث دين على الواقف أو على المعتق في ذلك الأجل فإنه لا يضر عقد العتق لأن الشارع متشوف للحرية ويضر عقد الحبس إذا لم يحز عن الواقف في ذلك الأجل، أما إن حيز عنه أو كانت منفعته لغير الواقف في ذلك الأجل فإنه لا يضر حدوث الدين. كذا في الخرشي.
قوله: [كتسوية ذكر لأنثى]: أي كما إذا قال الواقف داري مثلاً وقف على أولادي أو أولاد زيد ولم يبين تفضيل أحد على