(ولا) يشترط فيه (التأبيد) بل يجوز وقفه سنة أو أكثر لأجل معلوم ثم يرجع ملكاً له أو لغيره. (ولا) يشترط فيه (تعيين المصرف) في محل صرفه فجاز أن يقول: أوقفته لله تعالى، من غير تعيين من يصرف له. (وصرف في غالب): أي فيما يصرف له في غالب عرفهم، (وإلا) يكن غالب في عرفهم (فالفقراء) يصرف عليهم. وهذا إذا لم يختص الموقوف بجماعة معينة، وإلا صرف لهم ككتب العلم (ولا) يشترط (قبول مستحقه) إذ قد يكون غير محصور أو غير موجود أو لا يمكن قبوله كمسجد (إلا المعين الأهل) أي إلا أن يكون المستحق معيناً وكان أهلاً للقبول، بأن كان رشيداً، وإلا فالعبرة بوليه؛ فإن رد المعين الأهل أو ولي صبي أو مجنون أو سفيه (فللفقراء) ولا يرجع ملكاً لربه، وقال مطرف: يرجع ملكاً لربه أو لوارثه، وقال بعضهم: المتبادر من قول مالك إن رد المعين يكون لغيره أن ذلك باجتهاد الحاكم لا لخصوص الفقراء فتأمله.
ثم شرع في بيان مبطلات الوقف بقوله:
(وبطل) الوقف (بمانع): أي بحصول مانع للواقف (قبل حوزه): أي قبل أن يحوزه الموقوف عليه، فإذا لم يحزه الموقوف عليه - ولو سفيهاً أو صغيراً أو وليه - حتى حصل للواقف مانع من موت أو فلس أو مرض متصل بموته، بطل الوقف ورجع للغريم في الفلس وللوارث في الموت، إن لم يجزه الوارث، وإلا نفذ. وهذا إذا حبس في صحته، وأما من حبس في مرضه فهو كالوصية يخرج من الثلث إذا كان لغير وارث وإلا بطل كما يأتي. وللواقف في المرض الرجوع فيه لأنه كالوصية بخلاف الواقف في الصحة فلا رجوع له فيه قبل المانع، ويجبر على التحويز إلا إذا شرط لنفسه الرجوع فله ذلك.
(أو) بحصول مانع له (بعد عوده) أي الوقف (له) أي لواقفه (قبل عام) بعد أن حيز عنه (وله) أي والحال أن للواقف (غلة كدار) وحانوت وحمام ودابة، فإنه يبطل الوقف بحصول المانع للواقف حال استيلائه عليه قبل العام، وسواء أوقفه على محجوره أو غيره عاد إليه بعوض؛ كإجارة أو بغيره ما لم يحز عنه ثانياً قبل المانع؛ وإلا لم يبطل.
ومفهوم: "قبل عام" أنه لو عاد إليه بعد العام فحصل المانع، لم يبطل؛ لأنه المدة التي يحصل بها اشتهار الوقف غالباً بخلاف الرهن إذا عاد للراهن فإنه يبطل بالمانع ولو طالت حيازة المرتهن له. وذكر مفهوم "وله غلة" بقوله: (بخلاف) ما لا غلة له (نحو كتب) للعلم (وسلاح) فإنه لا يبطل بالمانع إذا عاد ليد الواقف قبل عام وأولى بعده (إذا صرفه) قبل عوده له (في مصرفه) بأن حيز عنه لمن يقرأ فيه بالنسبة للكتاب أو لمن يقاتل به بالنسبة للسلاح أو لمن ينجر به في نحو القدوم ولو كانت الحيازة له بنحو تغييرة الكراس فما بعده إلخ فإنه كاف ولا يبطل بالمانع قبل العام. وما ذكرناه من قولنا " بخلاف " إلخ هو المعول عليه خلافاً لمن قال: هما سواء في البطلان. وقولنا: "ومفهوم "قبل عام"، أنه لو عاد إليه بعد العام" إلخ شامل للوقف على غير المحجور
ــ
أحد فإنه يحمل على تسوية الأنثى بالذكر في المصرف فإن بين شيئاً عمل به إلا في المرجع فإنه يستوي في المرجع الذكر والأنثى ولو كان الواقف شرط في أصل وقفه للذكر مثل حظ الأنثيين لأن مرجعه ليس كإنشائه وإنما هو بحكم الشرع وسيأتي.
قوله: [ولا يشترط فيه التأبيد]: يؤخذ منه أن اشتراط التغيير والتبديل والإدخال والإخراج معمول به وفي المتيطي ما يفيد منع ذلك ابتداء، ويمضي إن وقع وفي (ح) عن النوادر وغيرها أنه إن اشترط في وقفه إن وجد فيه رغبة بيع واشترى غيره لا يجوز له ذلك. فإن وقع ونزل مضى وعمل بشرطه كذا في (بن).
قوله: [في غالب عرفهم]: أي فإن كان الغالب في عرفهم الصرف لأهل العلم أو للغزاة عمل به.
قوله: [وإلا يكن غالب في عرفهم]: أي بأن لم يكن لهم أوقاف أو كان ولا غالب فيها.
قوله: [فالفقراء يصرف عليهم]: أي بالاجتهاد سواء كانوا في محل الوقف أو غيره.
قوله: [وقال بعضهم]: حاصله: أنه إن قبله المعين الرشيد أو ولي غيره فالأمر ظاهر، وإن رده كان حبساً على غيره باجتهاد الحاكم، وهذا إذا جعله الواقف حبساً مطلقاً قبله من عينه له أم لا، وأما إن قصد المعين بخصوصه فإن رده عاد ملكاً للمحبس كما ذكره ابن رشد في نوازله قال المسناوي: وبهذا يجمع بين ما ورد في ذلك من الروايات المختلفة. اهـ ملخصاً من (بن).
قوله: [ولو سفيهاً] إلخ: مبالغة في محذوف تقديره فإن حازه صح هذا إذا كان الحائز له رشيداً، بل ولو سفيهاً ... إلخ.
وقوله: [حتى حصل للواقف مانع]: غاية في قوله لم يحزه.
قوله: [أو فلس]: المراد بالفلس هنا ما يشمل الأخص والأعم الذي هو إحاطة الدين.
وقوله: [بطل الوقف]: جواب إذا والمراد بالبطلان عدم التمام؛ لأن عدم إمضاء ذلك حق للغرماء في الفلس وللورثة في الموت.
قوله: [إن لم يجزه الوارث]: أي أو الغريم والمراد بالإجازة الإمضاء.
قوله: [وسواء أوقفه على محجوره]: وسيأتي بشروط مسألة الوقف على المحجور الآتية.
قوله: [ما لم يحز عنه ثانياً قبل المانع]: حاصله أنه إن عاد لانتفاعه بما وقفه قبل عام وحصل المانع قبل أن يحاز عنه ثانياً بطل الوقف مطلقاً كان على محجوره أو على غيره عاد بكراء أو إرفاق، وإن عاد بعد عام بكراء أو إرفاق فلا يبطل إذا كان على غير محجوره، وإن كان على محجوره ففيه خلاف إن عاد له بكراء وأشهد على ذلك، وإن عاد له بإرفاق بطل اتفاقاً.
قوله: [فإنه يبطل] إلخ: أي لقوله تعالى: