للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى المحجور اتفاقاً في الأول، وعلى الأرجح في الثاني قال المتيطي: وإن عاد إليها أي الدار الموقوفة بعد العام نفذت، وإن مات فيها إذا كان رجوعه إليها بالكراء وأشهد على ذلك، هذا قول ابن القاسم وعبد الملك وهو المشهور وبه العمل، وسواء في هذا الصغير والكبير ومقابله طريقة ابن رشد القائلة بالبطلان إذا عاد لما حبس على محجوره ولو بعد أعوام وليس العمل عليها قال المحشي: وقد نظم ذلك سيدي أحمد الزواوي فقال:

رجوع واقف لما قد وقفا ... بعد مضي سنة قد خفا

على صبي كان أو ذي رشد ... واعترضت طريقة ابن رشد

وقول المتيطي: إذا كان رجوعه إليها بالكراء [١] وأشهد يقتضي أنه إذا عاد إليها لا بكراء، بل بإرفاق بطل، أي في المحجور بعد العام وبه جزم بعضهم وقد علم من قولنا: "وبطل بمانع قبل الحوز" أن الحوز شرط في صحة الحبس وهو الإخراج عن يد المحبس وكذا الهبة والصدقة. ولا بد من معاينة البينة لحوزه كما في المدونة قال فيها: ولو أقر المعطي في صحة أن المعطى قد حاز وقبض وشهدت عليه بإقراره بينة ثم مات لم يقض بذلك إن أنكرت ورثته حتى تعاين البينة الحوز. انتهى.

واستثني من ذلك المحجور إذا وقف عليه وليه، فإنه لا يشترط فيه الحيازة الحسية بقوله:

(إلا) أن يوقف الولي من أب أو وصي أو حاكم أو مقدم.

(لمحجوره) الصغير أو السفيه فلا يشترط فيه الحوز الحسي بل يكفي الحكمي، فيصح وقف الولي عليه إذا استمر الوقف تحت يده حتى حصل المانع، لكن بشروط ثلاثة أفادها بقوله: (إن أشهد) الولي (على الوقف) على محجوره، وإن لم يشهد على الحوز له، فإن لم يشهد بطل بالمانع (وصرف) وليه (له): أي للمحجور (الغلة): أي في مصالحه كلاً أو بعضاً مما يحتاج إليه، فإن لم يصرف منها عليه بطل بالمانع. (ولم يكن الموقوف) على المحجور (دار سكناه) أي الواقف، فإن كانت دار سكناه بطل بالمانع إلا إذا تخلى الواقف عنها وعاينت البينة فراغها من شواغل المحبس. (إلا أن يسكن) الولي منها (الأقل ويكري له): أي لمحجوره (الأكثر) للصرف عليه فيكفي ولا يبطل لأن الأقل تابع للأكثر (وإن سكن النصف بطل فقط) إن حصل مانع، وصح النصف الذي لم يسكنه. وإن سكن الأكثر بطل الجميع، وفهم منه أن حيازة الأم ما حبسته على ولدها الصغير لا يكفي، إلا إذا كانت وصية. وتقدم أن السفيه أو الصغير لو حاز لنفسه لصحت حيازته فلا يبطل الحبس بالمانع بعده.

(و) بطل الوقف (على وارث بمرض موته) لأن الوقف في المرض كالوصية ولا وصية لوارث. (وإلا) يكن الوقف في المرض على وارث بل على غيره (فمن الثلث) يخرج فإن حمله الثلث صح وإلا فلا يصح منه إلا ما حمله الثلث.

ثم استثنى من بطلان وقف المريض على الوارث مسألة تعرف بمسألة ولد الأعيان فقال: (إلا) وقفاً (معقباً): كان له غلة أم لا أوقفه المريض على أولاده ونسله وعقبه (خرج من ثلثه): أي حمله الثلث فيصح، فإن حمل الثلث بعضه جرى فيه ما سيذكر فيما يحمله الثلث. (فكميراث للوارث): في القسم مما يخص الوارث، وليس ميراثاً حقيقة إذ لا يباع ولا يوهب

ــ

{فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٣]، فجعل القبض وصفاً لها.

قوله: [وعلى المحجور]: أي إلا في المسألة الآتية.

قوله: [قال المحشي]: مراده به (بن).

قوله: [قد خففا]: أي فلا يبطل الوقف.

قوله: [على صبي كان] إلخ: تعميم فيما قبله.

قوله: [واعترضت طريقة ابن رشد]: أي حيث قال بالبطلان في المحجور ولو كان الرجوع بعد أعوام ولو مع الإشهاد والكراء له.

قوله: [وبه جزم بعضهم]: أي بهذا التفصيل.

قوله: [وقد علم من قولنا] إلخ: بهذا تعلم أن من أوقف دار سكناه مثلاً على ذريته وبقي ساكناً فيها حتى مات يكون وقفه باطلاً باتفاق أهل المذهب ويرجع ميراثاً.

قوله: [حتى تعاين البينة الحوز]: أي والإشهاد على إقراره بالحوز لا يكفي.

قوله: [وصرف وليه]: أي ولا بد من الشهادة على ذلك.

قوله: [كلاً أو بعضاً]: قال اللقاني: وصرف الغلة له أي كلها أو جلها قياساً على الهبة. أما إذا لم يصرف الغلة بالمرة أو لم يصرف له إلا الأقل أو النصف بطل الوقف اهـ إذا علمت ذلك فالمراد بالبعض الجل.

قوله: [ويكري له] إلخ: مفهومه لو أبقى الأكثر خالياً من غير كراء بطل الوقف، ومثله ما إذا أكراه لنفسه.

قوله: [وإن سكن النصف بطل فقط]: وهذا بخلاف صرف الغلة فإنه تقدم أن صرف النصف المحجور مبطل للوقف في الجميع لأن النصف الذي تعلق بالسكنى متميز. بخلاف صرف الغلة فلا تمييز فيه كما يفيده في الحاشية.

قوله: [وفهم منه]: أي من قوله "إلا لمحجوره".

قوله: [بمرض موته]: أي المرض الذي يعقبه الموت ولو خفيفاً ويبطل ولو حمله الثلث لأنه كالوصية ولا وصية لوارث ومحل البطلان فيما يبطل فيه الوقف حيث لم يجزه الوارث غير الموقوف عليه فإن أجازه مضى ولذا كان دخول الأم والزوجة فيما للأولاد حيث لم يجيزا، فإن أجازا لم يدخلا كذا في الحاشية.

قوله: [تعرف بمسألة ولد الأعيان]: أي في المذهب. قال بعضهم: في هذه التسمية قصور لأن الحكم في هذه المسألة لا يختص بالوقف على ولد الأعيان، بل الوقف على غيرهم من الورثة كذلك فلو وقف في مرضه على إخوته وأولادهم وعقبهم، أو على إخوته وأولاد عمه وعقبهم، وأخواته وعقبهن، أو أولاد عمه وعقبهم. فالحكم لا يختلف وضابط تلك المسألة أن يوقف المريض على وارث وغير وارث وعقبهم.

قوله: [معقباً]: أي


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (بكالكراء).

<<  <  ج: ص:  >  >>