للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن أوقفه على نفسه ثم على أولاده وعقبه رجع حبساً بعد موته على عقبه، إن حازوا قبل المانع، وإلا بطل، هذا إن أوقف في صحته فإن أوقف في مرضه صح، إن حمله الثلث، ورجع الأمر للتفصيل المتقدم في مسألة أولاد الأعيان.

(أو على أن النظر له) أي للواقف؛ فإنه يبطل لما فيه من التحجير، هذا إن حصل مانع له فإن اطلع عليه قبل حصول مانع كان صحيحاً وأجبر على جعل النظر لغيره.

(أو جهل سبقه) أي الوقف (لدين إن كان) الوقف (على محجوره)، وهذا فيما إذا حازه الواقف لمحجوره، مع وجود الشروط الثلاثة المتقدمة من الإشهاد، وصرف الغلة، وكون الوقف غير دار سكناه، وإلا بطل، ولو علم تقدمه على الدين، والمعنى: أن من وقف على محجوره وقفاً وحازه له بالشروط المتقدمة وعلى الواقف دين ولم يعلم هل الدين قبل الوقف أو بعده، فإن الوقف يبطل ويباع ككدين [١] تقديماً للواجب على التبرع عند الجهل مع ضعف الحوز، ولذا لو حازه للمحجور أجنبي بإذن الولي لصح ولم يبطل عند جهل سبقه للدين؛ كالولد الكبير والأجنبي يحوز لنفسه قبل المانع فلا يبطل بجهل السبق بل بتحققه وأما لو حاز المحجور لنفسه، فهل يعتبر حوزه فلا يبطل الوقف عند جهل السبق؟ وهو الصحيح، سفيهاً كان أو صبياً وقد تقدم. (أو لم يخل) بسكون الخاء: أي لم يترك الواقف (بين الناس وبين كمسجد) ورباط ومدرسة (قبله) أي قبل المانع؛ فإنه يبطل، ويكون ميراثاً. فإن أخلى قبل المانع صح لأن الإخلاء المذكور حوز حكمي.

(و) بطل الوقف (من كافر لكمسجد) ورباط (ومدرسة) من القرب الإسلامية. وأما وقف الذمي على كنيسته [٢] فإن كان على مرمتها أو على المرضى بها فالوقف صحيح معمول به. فإن ترافعوا إلينا حكم بينهم بحكم الإسلام أي من إمضائه وإن كان على عبادها حكم ببطلانه كذا نقل عن ابن رشد.

(وكره) الوقف (على بنيه) الذكور (دون بناته) فإن وقع مضى ولا يفسخ (على الأصح) وهو مذهب المدونة.

ومقابله ما مشى عليه الشيخ من أنه لا يجوز ويفسخ إن وقع، وهو قول ابن القاسم في العتبية.

ــ

قوله: [فإن أوقفه على نفسه ثم على أولاده]: حاصله أن الوقف على النفس باطل وعلى غيره يصح تقدم الوقف على النفس أو تأخر أو توسط، كأن قال: وقفت على نفسي ثم عقبي، أو وقفت على زيد ثم على نفسي، أو وقفت على زيد ثم على نفسي ثم على عمرو. فالأول يقال له منقطع الأول، والثاني منقطع الآخر. والثالث منقطع الوسط. وكذا يكون منقطع الطرفين كالوقف على نفسه ثم على أولاده ثم على ميت لا ينتفع بالوقف. والحاصل: أن الظاهر من مذهبنا أنه يبطل فيما لا يجوز الوقف عليه ويصح فيما يصح عليه ولا يضر الانقطاع.

وقال الشافعي: لا يصح منقطع الابتداء والانتهاء أو الابتداء فقط. وقال أبو حنيفة: يبطل منقطع الانتهاء.

وقال أحمد: يبطل منقطع الانتهاء والوسط كذا في الحاشية.

قوله: [أو على أن النظر له]: محل بطلان الوقف إن جعل النظر لنفسه ما لم يكن وقفه على محجوره وإلا فله النظر، ويكون الشرط مؤكداً كذا ذكره شيخ مشايخنا السيد البليدي في حاشيته على (عب).

قوله: [ولم يعلم هل الدين] إلخ: أي وأولى إذا علم تقدم الدين على الوقف، فإن تحقق تقدم الوقف على الدين فلا بطلان وتتبع ذمة الواقف بالدين.

والحاصل: أنه إن علم تقدم الدين على الوقف بطل سواء كان الوقف على محجوره أو غيره، فإن علم تقدم الوقف على الدين فلا بطلان كان الوقف على محجوره أو على غيره، وإن جهل سبقه له فإن كان الوقف على محجوره بطل إن حازه له وإن كان على غيره فلا بطلان إن حازه الموقوف عليه قبل المانع.

قوله: [بل بتحققه]: أي بتحقق سبق الدين على الوقف.

قوله: [أي لم يترك الواقف]: مفعوله محذوف تقديره الحجر، والمعنى أنه حصل له مانع وهو باق على حجره وتحت حوزه.

قوله: [حوز حكمي]: أي عن الواقف.

قوله: [كذا نقل عن ابن رشد]: وهناك قول ثان بالبطلان مطلقاً.

وقول ثالث بالصحة مطلقاً، وأنه غير لازم وسواء أشهد على ذلك الوقف أم لا، بأن من تحت يد الواقف أم لا، وللواقف الرجوع فيه متى شاء.

قوله: [وكره الوقف] إلخ: اعلم أن في هذه المسألة وهي الوقف على البنين دون البنات أقوالاً: أولها: البطلان مع حرمة القدوم على ذلك.

ثانيها: الكراهة مع الصحة والكراهة على بابها. ثالثها: جوازه من غير كراهة. رابعها: الفرق بين أن يحاز عنه فيمضي على ما حبسه عليه أو لا يحاز فيرد للبنين والبنات معاً. خامسها: ما رواه عيسى عن ابن القاسم حرمة ذلك، فإن كان الواقف حياً فسخه وجعله للذكور والإناث، وإن مات مضى. سادسها: فسخ الحبس وجعله مسجداً إن رضي المحبس عليه فإن لم يرض لم يجز فسخه ويقر على حاله حبساً وإن كان الواقف حياً والمعتمد من هذه الأقوال ثانيها الذي مشى عليه المصنف، ومحل الخلاف إذا حصل الوقف على البنين دون البنات في حال الصحة وحصل الحوز المانع. أما لو كان الوقف في حالة المرض فباطل اتفاقاً ولو حيز لأنه عطية لوارث، أو كان في حال الصحة وحصل المانع قبل الحوز كما لو بقي الواقف ساكناً فيه حتى مات فباطل اتفاقاً أيضاً فليحفظ


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (للدين)، ولعلها الصواب.
[٢] في ط المعارف: (كنيسة).

<<  <  ج: ص:  >  >>