للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ذو المروءة) وهي: كمال النفس بصونها عما يوجب ذمها عرفاً ولو مباحاً في ظاهر الحال، كأكل بسوق لغير أهله، ولذا قال: (بترك) أي بسبب ترك شيء (غير لائق من لعب بكحمام) بتخفيف الميم: هو الطير المعروف، وأدخلت الكاف غيره من الحيوان الذي يلعب به طيراً أو غيره: كالعصافير وتيوس الغنم. (وشطرنج) والشطرنج بالشين المعجمة وبالمهملة مكسورة ومفتوحة وقيل الفتح من لحن العوام وسيجة وطاب ونرد ومنقلة بلا قمار، وإلا فهو من الكبائر لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، وهو داخل في الفسق. (و) بترك (سماع غناء) متكرر إذا لم يكن بقبيح القول أو بآلة، وإلا حرم، ولو في عرس وكان من الفسق.

(و) بترك (سفاهة) من القول، كالهزل الخارج عن عرف أهل الكمال من المجون والدعابة. (و) بترك (صغيرة خسة): كتطفيف بحبة وسرقة لقمة ونحوها، إذ فاعل ذلك لا مروءة عنده، ومما يخل بها: الرقص والصفق بالأكف بلا موجب يقتضيه، وكذا سائر اللعب. إلا ما استثناه الشارع كالمسابقة، واللعب مع الزوجة والطفل الصغير إذا لم يكثر، والكلام في اللعب بما ذكر، إنما هو إذا أدمن ذلك. قال الأبهري في الفرق بين الإدمان وعدمه: إن الإنسان لا يسلم من يسير اللهو فالعدل المذكور تقبل شهادته. (وإن) كان (أعمى في القول) وقال أبو حنيفة والشافعي: لا تقبل فيه. ومثل القول غيره مما عدا المبصرات، كالمشمومات والملموسات. وإنما بالغ على القول لأنه محل الخلاف

ــ

والمعتمد عدمه، والخارجي هو الذي يكفر بالذنب ولا فرق بين كونه متعمداً للبدعة أو متأولاً لأنه لا يعذر بالتأويل وهو فاسق، وفي كفره قولان أيضاً والمعتمد عدمه.

قوله: [ذو المروءة]: هو بضم الميم وفتحها مع الهمزة وبغيرها مع تشديد الواو. ففيها أربع لغات وإنما اشترطت المروءة في العدالة لأن من تخلق بما لا يليق وإن لم يكن حراماً جره ذلك لعدم المحافظة على دينه واتباع الشهوات. واعلم أنه إذا تعذر وجود العدل الموصوف بتلك الأوصاف كما في زماننا هذا اكتفي بالحر المسلم البالغ العاقل المستور الحال الذي لا يعرف عليه فسق، وقيل: يؤمر بزيادة العدد.

قوله: [لغير أهله]: الضمير عائد على السوق أي فأهل السوق الجالسون فيه لا يخل بمروءتهم الأكل فيه للضرورة.

قوله: [من لعب بكحمام]: أي وإن لم يكن محرماً كاللعب به على وجه المسابقة لأنه يخل بالمروءة وقد روى أبو داود بسنده عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «رأى رجلا يتبع حمامة فقال: شيطان يتبع شيطانة».

قوله: [وتيوس الغنم]: أي لأنه ورد في الحديث النهي عن التحريش بين البهائم كتسليط الكباش بعضها على بعض ونحو ذلك.

قوله: [وشطرنج]: في (بن) قال ابن غازي قال أبو عبد الله بن هشام اللخمي في لحن العامة يقولون شطرنج بفتح الشين، وحكى ابن جني أن الصواب كسرها على بناء جردحل وذكر قبل ذلك أنه يقال بالشين وبالسين لأنه إما مشتق من المشاطرة أو التسطير انتهى. وفي المجموع نقلا عن (ح) أنه معرب ششرنك ومعناه ستة ألوان: الشاة والفرز والفيل والفرس والرخ والبيدق، فعلى هذا لا يقال مشتق من المشاطرة بالمعجمة ولا من التسطير بالإهمال على ما في (بن) انتهى، والمذهب أن لعبه حرام وقيل مكروه، وفي (ح) قول بجواز لعبه في الخلوة مع نظيره لا مع الأوباش، وعلى كل من القول بالحرمة والكراهة ترد الشهادة بلعبه لكن عند الإدامة لقول ابن رشد لا خلاف بين مالك وأصحابه أن الإدمان على اللعب بها جرحة وإنما اشترط الإدمان في الشطرنج دون ما عداه من النرد والطاب والمنقلة لاختلاف الناس في إباحته. بخلاف غيره فجرحة مطلقاً.

قوله: [بلا قمار]: أي بلا أخذ مال في لعبه.

قوله: [أو بآلة]: أي كعود وقانون.

قوله: [وإلا حرم]: أي بأن تخلف شرط من هذين الشرطين كان حراماً ولو في الأعراس، وهل ترد به الشهادة ولو فعله مرة في السنة؟ وهو ما للتتائي أو لا بد من التكرر في السنة وهو ما يفيده المواق وتقدم هذا المبحث في الوليمة مستوفى.

قوله: [كالهزل الخارج عن عرف أهل الكمال]: أي كما إذا كان يضحك القوم بالأكاذيب لما في الحديث: «ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له».

قوله: [من المجون والدعابة]: بيان لمعنى الهزل فمن ذلك النطق بألفاظ الخنا في المجالس.

قوله: [كتطفيف بحبة]: ظاهره أنها صغيرة مطلقاً ولو كان المسروق منه فقيراً وقيد بعضهم ذلك بأن لم يكن المسروق منه فقيراً وإلا كان كبيرة.

قوله: [فالعدل المذكور]: دخول على كلام المصنف.

قوله: [في القول]: أي تقبل شهادته في الأقوال مطلقاً سواء تحملها قبل العمى أم لا لضبطه الأقوال بسمعه.

قوله: [وقال أبو حنيفة والشافعي] إلخ: لكن عند الحنفية لا تقبل مطلقاً ولو تحملها قبل العمى وعند الشافعي ما لم يتحملها قبل العمى وإلا قبلت.

قوله: [مما عدا المبصرات]: أي الأمور التي تتوقف على البصر كالأفعال والألوان فلا تجوز شهادته فيها مطلقاً علمها قبل العمى أم لا، وفي الإرشاد تجوز شهادته على الفعل إن علمه قبل العمى أو بحبس كما في الزنا

<<  <  ج: ص:  >  >>