وغيرها محل اتفاق. وكذا قوله: (أو) كان (أصم في الفعل): كالضرب والأكل والأخذ والإعطاء واحترز بذلك عن المسموعات لا عن المشمومات والملموسات والمطعومات فإنها اتفاق. وأما الأعمى الأصم فلا تجوز شهادته في شيء ولا معاملته كالمجنون، وإنما يولى عليهما من يتولى أمرهما بالمصلحة.
(وشرطه): أي العدل؛ أي شرط قبول شهادته (أن يكون فطناً) لا مغفلاً (جازماً) في شهادته (بما أدى) لا شاكاً أو ظاناً (غير متهم فيها) أي في شهادته (بوجه) من الوجوه الآتية؛ إذا علمت ذلك (فلا شهادة) تقبل (لمغفل) تلتبس عليه الأمور العادية (إلا فيما لا يلبس) بفتح التحتية وكسر الباء الموحدة، وماضيه بفتحها: أي يختلط ومنه قوله تعالى: {وللبسنا عليهم ما يلبسون} [الأنعام: ٩]. وأما لبس الثوب فبالعكس. إلا في الأمور الواضحة التي لا لبس فيها، فإنها تقبل شهادته. (ولا) شهادة (لمتأكد القرب) لاتهامه بجر النفع لقريبه (كوالد) لولده (وإن علا): (كالجد وأبيه وولد) لوالده (وإن سفل) كابن الابن أو البنت (وزوجهما): أي الوالد والولد، فلا يشهد الوالد لزوجة ابنه، ولا لزوج بنته، ولا الولد لزوجة أبيه وزوج أمه؛ فأولى أن لا يشهد لزوجته. (بخلاف) شهادة (أخ) لأخيه (أو مولى) لعتيقه (و) صديق (ملاطف) فتجوز (إن برز) الشاهد منهم في العدالة، بأن فاق أقرانه فيها واشتهر بها. (ولم يكن) الشاهد (في عياله): أي عيال المشهود له، وإلا لم يجز ولو برز.
(كأجير) فتجوز شهادته لمن استأجره إن برز ولم يكن في عياله. (وشريك) تجوز شهادته لشريكه (في غيرها): أي في غير مال الشركة إن برز، ولم يكن في عياله، لا في مال الشركة ولو برز. وقيدها المصنف تبعاً للمدونة بشركة المفاوضة، فظاهره أن شركة العنان لا يشترط فيها التبريز. وقال بعضهم: الشركة مطلقاً يشترط فيها التبريز فلذا أطلقنا. (وزائد) في شهادته على ما شهد به بأن شهد أولاً بعشرة ثم قال: بل هو أحد عشر فتقبل إن برز (ومنقص) عنها بعد أن أداها فتقبل إن برز. وأما لو شهد ابتداء بأزيد مما ادعاه المدعي أو بأنقص فتقبل مطلقاً ولو لم يبرز،
ــ
واقتصر على هذا في المجموع.
قوله: [وغيرها]: المناسب غيره لأن الضمير عائد على القول أي محل الخلاف بين مالك وغيره الأقوال، وأما الملموسات والمطعومات والمشمومات فهي محل اتفاق بين مالك وغيره في القبول.
قوله: [أو كان أصم في الفعل]: أي وهو بصير لأن الأصم البصير يضبط الأفعال ببصره دون الأقوال لتوقف ضبطها على السمع وهو معدوم فلا تقبل شهادته في الأقوال ما لم يكن سمعها قبل الصمم وإلا جازت، قال ابن شعبان: وتجوز شهادة الأخرس ويؤديها بإشارة مفهمة أو كتابة.
قوله: [فإنها اتفاق]: أي بين مالك وغيره كما تقدم التنبيه عليه قبل.
قوله: [وإنما يولي عليهما]: هكذا بالتثنية في نسخة المؤلف، والضمير عائد على الأعمى الأصم والمجنون، والمناسب أن يقول بعد ذلك أمرهما أو يفرد الضمير في عليه ويكون عائداً على الأعمى الأصم فقط، والمجنون تقدم حكمه في باب الحجر قال (بن): قال (عب) في الأعمى الأصم: لا يتزوج إلخ يعني والله أعلم لا يلي ذلك بنفسه وإلا فيجوز أن يأتي عليه من ينظر له بالأصلح له، كما يقيم الحاكم على المجنون والسفيه من ينظر لهما انتهى. وقد أفاد هذا شارحنا بالتشبيه.
قوله: [لمغفل]: هو من لا يستعمل القوة المنبهة مع وجودها فيه، وأما البليد فهو خال منها بالمرة فمراده بالمغفل ما يشمله بالأولى.
قوله: [وماضيه بفتحها]: أي فهو من باب ضرب.
قوله: [فبالعكس]: أي فهو من باب علم وتعب.
قوله: [أي إلا في الأمور الواضحة]: هذا إيضاح لقول المتن إلا فيما لا يلبس.
قوله: [وصديق ملاطف]: قال (ح): الملاطف هو المختص بالرجل الذي يلاطف كل واحد منهما صاحبه، ومعنى اللطف الإحسان والبر والتكرمة قال في التنبيهات وقال ابن فرحون: الملاطف هو الذي قيل فيه:
إن أخاك الحق من كان معك ... ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك ... شتت فيك نفسه ليجمعك
وهذا الذي قاله بعيد قل أن يوجد أحد بهذه الصفات فالأولى تفسيره بما في التنبيهات انتهى (بن).
قوله: [إن برز]: في (بن) الصواب أن برز بفتح الباء وتشديد الراء فعل لازم مبني للفاعل واسم الفاعل منه مبرز بكسر الراء المشددة أي ظاهر العدالة، وفي القاموس برز ككرم، وبرز تبريزاً: فاق أصحابه فضلاً وشجاعة، وبرز الفرس على الخيل سبقها انتهى. فقد علمت أنه يستعمل مشدداً ومخففاً على وزن فعل المضموم العين وليست هناك لغة بفتح الفاء والعين مع التخفيف.
قوله: [ولم يكن الشاهد في عياله]: بقي شرط وهو أن تكون الشهادة بغير جرح عمد فيه قصاص وإلا فلا تقبل على المشهور؛ لأن الحمية تأخذ في القصاص وإنما يشهد في الأموال أو في الجراح التي فيها مال كما في الخرشي
قوله: [وقال بعضهم: الشركة مطلقاً]: إلخ: مراده به الأجهوري ورده (بن) تبعاً لربما حاصله أن الأقسام ثلاثة: مردودة مطلقاً مبرزاً أو غير مبرز في شهادة الشريك لشريكه فيما فيه الشركة كان معيناً أو غيره