وإن كان المدعي لا يقضى له بالزائد لعدم ادعائه له. (وذاكر) لما شهد به (بعد شك) بأن قال أولاً: لا أدري أو لا علم عندي، ثم قال: تذكرت، فتقبل إن برز (أو) تذكر بعد (نسيان) فتقبل إن برز. وأما الزائد أو المنقص المتقدم فجزم بما شهد ثم تذكر فزاد أو نقص (وبخلافهما): أي الشهادة من ولد (لأحد أبويه) على الآخر فتقبل. (أو) من والد لأحد (ولديه) على الآخر فتقبل لعدم التهمة (إن لم يظهر ميل) من الولد أو الوالد لمن شهد له، فإن ظهر ميل لمن شهد له لم تقبل شهادته (ولا) شهادة (لعدو على عدوه في) أمر (دنيوي) متعلق بعدو أي عداوة دنيوية ولو كانت من مسلم على كافر، احترازاً من الأخروية؛ كشهادة مسلم على كافر ليس بينهما عداوة دنيوية فتجوز. (أو) شهادة عدو لرجل (على ابنه): أي ابن العدو فلا تقبل.
(ولا) شهادة لشاهد (إن حرص بشهادته): أي إن كان فيها حرص (على إزالة نقص): يعني إن اتهم على الحرص لقبول شهادته عند إزالة نقص (فيما رد فيه) أولاً، بأن أدى سابقاً شهادة فردت (لفسق، أو صبا، أو رق) فلما زال المانع - بأن تاب الفاسق أو بلغ الصبي أو عتق الرقيق - أداها، فلا تقبل لاتهامه على الحرص على قبولها عند زوال المانع، لأن الطبع قد جبل على دفع المعرة التي حصلت بالرد أولاً. ولذا لو لم يحكم بردها حتى زال المانع فأداها، قبلت لعدم الحرص، وكذا إن ردت لمانع فأدى عند زواله شهادة بحق آخر فإنه يقبل. (أو) حرص (على التأسي): أي مشاركة غيره في المعرة القائمة به ليهون عليه مصيبتها؛ لأن المصيبة إذا عمت هانت، وإذا خصت هالت (كشهادة ولد الزنا فيه): أي في الزنا أو شهادة (من حد) لسكر أو قذف أو زنا (فيما): أي في مثل ما (حد فيه) بخصوصه، فلا تقبل للتأسي. ومثل الحد: التعزير، فلا يشهد في مثل ما عزر فيه، وأما في غيره فتصح. (أو حرص على القبول؛ كأن شهد وحلف) على صحة شهادته أو على ثبوت الحق. لكن قال ابن عبد السلام: ينبغي أن يعذر العوام في ذلك. (أو) حرص (على الأداء: كأن رفع) شهادته للحاكم قبل الطلب (في محض حق الآدمي) وهو ما له إسقاطه كالدين والقصاص. (أما في حق الله): وهو ما ليس للمكلف إسقاطه (فتجب المبادرة) بالرفع للحاكم (بالإمكان): أي بقدره،
ــ
لأنها تجر نفعاً لنفسه. ومقبولة بشرط التبريز اتفاقاً وهي شهادة شريك المفاوضة في غير ما فيه الشركة، ومقبولة مطلقاً مبرزاً أو غير مبرز على المعتمد في شهادة شريك غير المفاوضة في غير ما فيه الشركة.
قوله: [وإن كان المدعي لا يقضي له بالزائد]: أي وكذا في شهادته بأنقص في دعوى المدعي فلا يقضى للمدعي بالزائد إلا بشهود أخر غير هذا.
قوله: [وأما الزائد]: جواب عن سؤال وارد على المصنف.
قوله: [فتقبل]: أي ولا يشترط فيها التبريز على المعتمد.
قوله: [فإن ظهر ميل] إلخ: أي كشهادة الأب لولده البار على العاق أو الصغير على الكبير أو السفيه على الرشيد وتجوز شهادة الولد على أبيه بطلاق أمه إن كانت منكرة للطلاق. واختلف إن كانت هي القائمة بذلك فمنعها أشهب وأجازها ابن القاسم، وإن شهد بطلاق أبيه لغير أمه لم تجز إن كانت أمه في عصمة أبيه أو مطلقة ويرجو رجوعها لأبيه، ولو شهد لأبيه على جده أو لولده على ولد ولده لم تجز قولاً واحداً، وبالعكس جاز قولاً واحداً كما ذكره محشي الأصل نقلاً عن الأجهوري.
قوله: [لعدو على عدوه]: أي ولو كان مبرزاً في العدالة.
قوله: [إذا عمت هانت]: إنما هانت بالعموم لذكر مصيبة غيره فيتسلى عن مصيبته. بخلاف ما إذا خصت فلم يجد مصيبة غيرها نظيرتها لغيره يتسلى بها فتعظم عليه مصيبته.
قوله: [من حد]: أي بالفعل احترازاً عما إذا عفي عنه وشهد في مثله إن كان قذفاً فيقبل كما في المدونة، لا إن كان قتلاً فلا يشهد في مثله كما في الواضحة عن الأخوين، وانظر لو جلد البكر في الزنا هل له الشهادة باللواط لاختلافهما في الحد أو لا نظراً لدخوله في الزنا؟ والظاهر الثاني كما في الحاشية.
قوله: [كأن شهد وحلف]: قال في التبصرة وأما الحرص على القبول فهو أن يحلف على شهادته إذا أداها وذلك قادح فيها لأن اليمين دليل على التعصب وشدة الحرص على نفوذها اهـ. تنبيه: قال ابن فرحون للقاضي تحليف الشاهد ولو بالطلاق إن اتهمه، أي لقاعدة: تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوه من الفجور، وهو من كلام عمر بن عبد العزيز استحسنه مالك لأن من قواعد مذهبه مراعاة المصالح العامة كذا أفاده في الحاشية.
قوله: [لكن قال ابن عبد السلام]: أي وسلمه له المتأخرون.
قوله: [كأن رفع شهادته للحاكم قبل الطلب] إلخ: حاصله أن رفع الشاهد للحاكم قبل أن يطلبه المشهود له لا يجوز ومبطل لشهادته نعم يجب على الشاهد أن يعلم صاحب الحق بأنه شاهد له وجوباً عينياً إن توقف الحق على شهادته وكفائياً إن لم يتوقف.
قوله: [وهو ما له إسقاطه]: أي وليس المراد بمحض حق الآدمي ما لا حق فيه لله كما هو المتبادر إذ ما من حق لآدمي إلا ولله فيه حق.
قوله: [بالإمكان]: أي فإن أخر الرفع زيادة على القدر الذي يمكن فيه الرفع كان جرحة في شهادته وبهذا القسم والذي قبله اندفع التعارض بين قوله - صلى الله عليه وسلم - في معرض الذم: «ثم يكون قوم