لدلالته على أنه كان كامناً في نفسه، فإن حدث بعد الحكم مضى ولا ينقض، بخلاف ما لو ثبت بعد الحكم أنه شرب خمراً مثلا قبل الأداء فينقض.
(بخلاف حدوث عداوة) بعد الأداء، فلا يضر إن تحقق حدوثها، وإلا منعت كما لو قال الشاهد للمشهود عليه بعد الأداء مخاصماً: تتهمني وتشبهني بالمجانين؟ فإن ذلك يقتضي أن العداوة سابقة على الأداء كما نص عليه الشيخ سابقاً.
(و) بخلاف (احتمال جر) بعد الأداء فلا يضر، كشهادته بطلاق امرأة ثم تزوجها قبل الحكم، أو شهد لها بحق على شخص ثم تزوجها.
(أو) احتمال (دفع) بعد الأداء وقبل الحكم؛ كشهادته بفسق رجل، ثم شهد الرجل على آخر بأنه قتل نفساً خطأ والشاهد عليه بالفسق من عاقلة القاتل فلا تبطل شهادته بفسقه.
(و) بخلاف (شهادة كل) من الشاهدين للآخر بحق ولو بالمجلس، فلا تضر، إلا أن تظهر تهمة المكافأة.
(و) بخلاف شهادة (القافلة بعضهم لبعض في حرابة) على من حاربهم؛ فلا تضر، ولا يلتفت للعداوة الطارئة بينهم بالحرابة للضرورة، وسواء شهد لصاحبه بمال أو نفس.
(ولا) تقبل شهادة (إن شهد لنفسه بكثير) من المال عرفاً (وشهد لغيره) بقليل أو كثير (بوصية) أي في وصية كأن يقول: أشهد أنه أوصى لي بخمسين ديناراً ولزيد أو للفقراء بمثل ذلك أو أقل أو أكثر، فلا تصح له ولا لغيره لتهمة جر النفع لنفسه.
(وإلا) بأن شهد لنفسه بقليل أي تافه ولغيره بقليل أو كثير (قبل) ما شهد به (لهما) معاً: أي لنفسه ولغيره فإن لم يوجد إلا هذا الشاهد حلف الغير معه واستحق وصيته ولا يمين على الشاهد لأنه يستحق ما أوصى له به تبعاً للحالف، فإن نكل الغير فلا شيء لواحد منهما. وهذا إذا كتب الوصية بكتاب واحد بغير خط الشاهد، فإن كتب بخط الشاهد -أو لم تكتب أصلاً- قبلت شهادته لغيره لا لنفسه. وكذا إن كتب بكتابين أحدهما للشاهد والثاني للآخر، فلا تصح له وتصح للآخر لعدم التبعية حينئذٍ وأما شهادته له ولغيره في غير وصية كدين
ــ
قوله: [لدلالته على أنه كان كامناً]: لهذا التعليل قيده ابن الماجشون بالفسق الذي يستتر به بين الناس كشرب خمر وزنا، لا نحو قتل وقذف، واختاره غير واحد من الشيوخ، ولكن مذهب ابن القاسم الإطلاق، وعلى كلام ابن القاسم لو شهد عدلان بطلاق امرأة ويقولان رأيناه يطؤها بعد الطلاق وكانت شهادتهما باطلة؛ لأن قولهما ذلك قذف لعدم تمام شهود الزنا، وقد حكى (ح) خلافاً في حدهما نظراً لكونه قذفاً وعدمه نظراً إلى أنه لما بطلت شهادتهما بالطلاق لم يكن المرمي به وزنا.
قوله: [وإلا منعت]: الفاعل ضمير يعود على العداوة، والمعنى وإلا يتحقق حدوث العداوة بل احتمل تقدمها على الأداء فإنها تمنع قبول الشهادة.
قوله: [مخاصماً]: أي لا شاكياً للناس ما فعل به كأن يقول لهم انظروا ما فعل معي وما قال في حقي فلا يقدح ذلك في شهادته، وما ذكره الشارح من هذا التقييد تبع فيه خليلاً وهو قول أصبغ، ولابن الماجشون تبطل شهادته بهذا القول من غير تفصيل بين كونه شاكياً أو مخاصماً وصوبه ابن رشد.
قوله: [كشهادة بطلاق امرأة] إلخ: أي والحال أنه لم يثبت أنه خطبها قبل زواج المشهود عليه بطلاقها وإلا ردت شهادته.
قوله: [قبل الحكم]: الصواب حذفه أو يؤخره بعد المثال الثاني، لأنه لا يتأتى زواجه لها قبل الحكم المذكور؛ لأن الفرض أن الزوج المشهود عليه يناكر في الطلاق وهو مسترسل عليها.
قوله: [وقبل الحكم]: أي وأولى بعده.
قوله: [فلا تبطل شهادته بفسقه]: أي لبعد التهمة.
قوله: [وبخلاف شهادة القافلة]: أي والموضوع أن الشهود فيها عدول كما قيد به في المدونة خلافاً للتتائي.
قوله: [على من حاربهم]: أي وأما شهادة القافلة بعضهم لبعض على بعض منهم في المعاملات فنقل المواق رواية الأخوين عن مالك وجميع أصحابه إجازتها للضرورة، وإن لم تكن هناك عدالة وحرية محققة إن كان ذلك في السفر وعليه درج صاحب التحفة حيث قال:
ومن عليه وسم خير قد ظهر ... زكي إلا في ضرورة السفر
كذا في (بن).
قوله: [فلا تصح له ولا لغيره]: أي لأن الشهادة إذا بطل بعضها بطل كلها، بخلاف ما بطل بعضها للسنة فإنه يمضي منها ما أجازته فقط كشهادة رجل وامرأتين بوصية بعتق وبمال فإنها ترد في العتق لا في المال.
قوله: [حلف الغير معه]: إن كان معيناً كزيد، وأما إن كان غير معين كما إذا كان الغير هم الفقراء فلا يتأتى منهم يمين، فمقتضاه أنه إن لم يوجد شاهد ثان لا شيء لهم ولا له لتوقف نفوذها على اليمين أو شاهد ثان ولم يوجد وانظر في ذلك.
قوله: [تبعاً للحالف]: أي الذي هو المشهود له، وإنما أخذه ليسارته فهو غير منظور إليه. وبها يلغز فيقال دعوى أخذت بشاهد بلا يمين