للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا تقبل له ولا لغيره مطلقاً لتهمة جر النفع لنفسه.

(ولا) شهادة لشاهد (إن تعصب) أي اتهم بالعصبية والحمية لكون المشهود عليه من قبيلة تكره قبيلة الشاهد؛ كما يقع للترك مع أبناء العرب.

(ولا) شهادة (لمماطل) وهو من يؤخر ما عليه من الدين بعد الطلب بلا عذر شرعي لظلمه وفي الحديث «مطل الغني ظلم».

(و) لا (حالف) أي من شأنه الحلف (بطلاق أو عتق) لأنه من يمين الفساق.

(ولا) شهادة لشاهد (بالتفات) أي بسبب التفاته (في صلاة أو تأخيرها عن وقتها) الاختياري؛ لأنه يدل على عدم اكتراثه بها فلا اكتراث له بغيرها بالأولى (أو) عدم إحكام وضوء أو غسل (أو زكاة لمن لزمته) ومنه: التساهل فيها، وكذا الصوم والحج.

وإذا شهد شاهد بحق لدى حاكم أو محكم فلا بد من الإعذار للمشهود عليه كما تقدم.

(و) إذا أعذر له (قدح) بالبناء للمفعول: أي جاز القدح. وقبل (في) الشاهد (المتوسط) في العدالة وهو ما ليس بمبرز فيها (بكل قادح) من تجريح، أو قرابة، أو عداوة، أو كونه في عيال المشهود له، أو غير ذلك مما مر.

(و) قدح (في المبرز) بالعدالة (بعداوة أو قرابة أو إجراء نفقة عليه) من المشهود له.

(وإن) ثبت القدح (من دونه): أي من دون المبرز في العدالة؛ فلا يشترط في القادح في مبرز أن يكون مبرزاً مثله. وأما لو قدح في المبرز بغير عداوة أو قرابة أو نفقة فلا يسمع منه القدح إذا أراد القادح إثباته. وقال مطرف: يقبل منه القدح بغير الثلاثة المتقدمة أيضاً، وارتضاه اللخمي وغيره، فهو كالمتوسط؛ لأن الجرح مما يكتمه الإنسان فلا يكاد يطلع عليه إلا القليل من الناس. وإليه أشار بقوله: (وكذا) يقدح في المبرز (بغيرها) أي غير الثلاثة المتقدمة (على الأرجح) قال ابن رشد: وهذا إذا صرح بالجرحة [١] فإن قال المجرح: هو غير عدل أو غير مقبول الشهادة، لم يقبل منه، إلا أن يكون المجرح مبرزاً عارفاً بوجوه التعديل والتجريح.

ثم شرع في بيان من يصح منه التزكية، والشيخ رحمه الله قد قدمه عما هنا -وذكره هنا أنسب- فقال: (وإنما يزكي) الشهود (مبرز): في العدالة، لا مطلق عدل، وإلا لاحتاج لمن يعدله أيضاً ويتسلسل

ــ

أو يقال شيء أخذ من مال الغير بمجرد الدعوى أو يقال شهادة للنفس مضت.

قوله: [فلا تقبل له ولا لغيره مطلقاً]: أي سواء شهد لنفسه بكثير أو بقليل، والفرق بين الوصية وغيرها أن الموصي قد يخشى معاجلة الموت ولا يجد حاضراً غير الموصى له بخلاف غيره

قوله: [كما يقع للترك مع أبناء العرب]: هذا المعنى هو الذي قال فيه خليل لا المجلوبين إلا كعشرين. قال: الأصل المراد بالمجلوبين قوم من الجند يرسلهم السلطان أو نائبه لسد ثغر أو حراسة قرية ونحو ذلك، وعلل المنع بحمية البلدية ولعل هذا باعتبار القرون الأولى، وأما المشاهد فيهم الآن فحمية الجاهلية وشدة التعصب على أمة خير البرية قاسية قلوبهم فاشية عيوبهم فأنى تقبل شهادتهم شرعاً ولكنهم يمضونها طبعاً اهـ بحروفه.

قوله: [ولا شهادة لمماطل]: أي لأن المطل قادح من مبطلات الشهادة لكونه يصير به فاسقاً وقيده ابن رشد بما إذا تكرر منه ذلك.

قوله: [لأنه من يمين الفساق]: أي ويؤدب الحالف به قال (بن) الأدب في ذلك واجب لوجهين أحدهما ما ثبت من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت» وما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تحلفوا بالطلاق والعتاق فإنهما من أيمان الفساق». والثاني أن من اعتاد الحلف به لم يكن سالماً من الحنث فيه فتكون زوجته تحته مطلقة من حيث لا يشعر، وقد قال مطرف وابن الماجشون: إن من لازم ذلك واعتاده فهو جرحة فيه وإن لم يعرف حنثه، وقيل لمالك: إن هشام بن عبد الملك كتب أن يضرب في ذلك عشرة أسواط، فقال: قد أحسن إذ أمر فيه بالضرب، وروي أن عمر كتب أن يضرب في ذلك أربعين سوطاً اهـ.

قوله: [بالتفات]: أي حيث كثر منه ذلك من غير حاجة، وعلم أن ذلك منهي عنه وإلا فلا، ولا فرق بين كون الصلاة فرضاً أو نفلاً.

قوله: [أو تأخيرها عن وقتها]: هذا خاص بالفرض ففي عبارة المصنف استخدام.

قوله: [ومنه التساهل فيها]: أي في الزكاة بأن يؤخر إخراجها عن وقت الوجوب أو يخرج بعض ما يجب عليه دون بعض.

تنبيه: الأقلف الذي لا عذر له في ترك الختان لا تجوز شهادته لإخلال ذلك بالمروءة.

قوله: [والحج]: أي فإذا كان كثير المال قوياً على الحج وطال زمن تركه له من غير عذر في الطريق كان ذلك جرحة في شهادته كما قال سحنون في العتبية، وإنما اشترط طول زمان الترك لاختلاف أهل العلم في وجوبه على الفور أو التراخي.

قوله: [وإذا شهد شاهد] إلخ: دخول على كلام المصنف.

قوله: [أو غير ذلك]: أي كجر المنفعة ودفع المضرة والعصبية.

قوله: [بعداوة]: أي دنيوية بين الشاهد والمشهود عليه.

وقوله: [أو قرابة]: أي بين الشاهد والمشهود له قوله: [إلا أن يكون المجرح مبرزاً]: حاصله أن مطرفاً يقول: إن المبرز يجرحه من هو مثله أو دونه، ولو بالفسق، واختاره اللخمي. وأما سحنون فهو وإن قال: المبرز يجرح بالفسق لكن يقول لا يجرح إلا مبرز في العدالة مثله قال ابن رشد: ومحل الخلاف المذكور إذا نصوا


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (بالجرح).

<<  <  ج: ص:  >  >>