فيكفي فيه العدلان. وإنما تصح شهادتهم (إن اتحد) الزنا عندهم أو اللواط (كيفية): أي في الصفة، وأدوا الشهادة كذلك من اضطجاع أو قيام أو هو فوقها أو تحتها في مكان كذا في وقت كذا. ولا بد من ذكر ذلك كله للحاكم على انفرادهم بعد تفرقهم قبل الأداء. بأمكنة.
(ورؤيا): بأن يروا ذلك في وقت واحد جميعاً (وأداء) يؤدوها معاً في وقت واحد لا متفرقين في أوقات، وإلا لم تقبل وحدوا للقذف.
يشهدون (بأنه أولج) أي أدخل (الذكر في الفرج كالمرود) بكسر الميم أي كإيلاج المرود (في المكحلة) ولا بد من هذه الزيادة، لا أنها تندب فقط، زيادة في التشديد عليهم وطلباً للستر ما أمكن.
(و) إذا أرادوا أداء الشهادة (جاز لهم) أي لكل واحد منهم (نظر العورة) لتأديتها على وجهها، والستر أولى إلا أن يشتهر الزاني بالزنا أو يتجاهر به.
(وفرقوا) وجوباً في الزنا واللواط خاصة (عند الأداء، وسأل) الحاكم (كلاً) منهم (بانفراده) على الكيفية والرؤيا، فإن تخلخل واحد منهم أو لم يوافق غيره حدوا للقذف. ونقل المواق عن المدونة وجه الشهادة في الزنا: أن يأتي الأربعة الشهداء في وقت واحد يشهدون على وطء واحد في موضع واحد بصفة واحدة بهذا تتم الشهادة. اهـ. وقال فيها أيضاً: وينبغي إذا شهدت بينة عنده بالزنا أن يكشفهم على شهادتهم وكيف رأوه وكيف صنع، فإن رأى في شهادتهم ما تبطل به الشهادة أبطلت. اهـ. قال أبو الحسن: انظر قوله: "ينبغي" هل معناه يجب؟ أو هو على بابه؟ الأقرب الوجوب. انتهى.
وأشار للمرتبة الثانية بقوله: (ولما ليس بمال ولا آيل له) أي للمال (كعتق) وطلاق ونسب (وولاء رجعة) ادعتها هي أو وليها على زوجها المنكر لها ونكاح (وردة وإحصان وكتابة) وتدبير (وتوكيل بغير مال) أي شيء غير مال كتوكيل على نكاح أو طلاق وكشرب خمر وقذف وقتل: (عدلان).
وأشار للمرتبة الثالثة بقوله: (وإلا) بأن كان المشهود به مالاً أو آيلا لمال (فعدل وامرأتان)
ــ
لكن لما كان القول الآخر هو المرجح لم يلتفت لها المصنف
قوله: [فيكفي فيها العدلان]: مقتضى قبول رجوع المقر بالزنا ولو لم يأت بشبهة أنه لا عبرة بشهادتهما على الإقرار، وسيأتي أن قبول رجوعه قول ابن القاسم إلا أن يقال: إن هذا مبني على قول من يقول: إن المقر بالزنا لا يقبل برجوعه على أنه إذا استمر على إقراره وعلم الحاكم بذلك فلا يجوز للحاكم حده إلا إذا شهد على إقراره عند الحاكم عدلان، فحينئذ لا بد من شهادة العدلين حتى على قول ابن القاسم، لأنه لو حكم عليه بالحد بمجرد إقراره من غير شهادة العدلين على استمرار الإقرار لكان لأولياء الدم طلب الحاكم به فتأمل. وإنما اشترط على فعل الزنا واللواط أربعة لأن الفضيحة فيهما أشنع من سائر المعاصي فشدد الشارع فيهما طلباً للستر.
قوله: [إن اتحد]: أفرد الضمير العائد لأنه عائد على أحدهما لا بعينه، وأفاد هذا الشارح بعطفه بأو.
قوله: [وأدوا الشهادة كذلك]: أي على طبق ما رأوا ولا يكفي الإجمال.
قوله: [ورؤيا]: عطف على "كيفية"، والمعنى أن تحملهم الشهادة يكون برؤيا واحدة أي يرونه دفعة أو متعاقباً مع الاتصال كما في (بن).
قوله: [وحدوا للقذف]: أي حيث تخلف شرط مما ذكر وكان المقذوف عفيفاً.
قوله: [بأنه أولج]: متعلق بمحذوف قدره الشارح بقوله "يشهدون".
قوله: [ولا بد من هذه الزيادة]: أي كما قال بهرام والمواق.
وقوله: [لا أنها تندب فقط]: أي كما قال البساطي.
قوله: [جاز لهم]: المراد بالجواز الإذن لأن ذلك مطلوب لتوقف صحة الشهادة عليه وهذا جواب عن سؤال وهو كيف تصح الشهادة على الوجه المذكور مع أن النظر للعورة معصية؟ وحاصل الجواب لا نسلم أنه معصية حينئذ بل مأذون فيه لتوقف الشهادة عليه، وظاهر كلامه جواز النظر للعورة ولو قدروا على منعهم من فعل الزنا ابتداء ولا يقدح فيهم الإقرار على الزنا كما في (ح) وغيره، لكن الذي في ابن عرفة أنهم إذا قدروا على منعهم من فعل الزنا ابتداء فلا يجوز لهم النظر للعورة لبطلان شهادتهم بعصيانهم بسبب عدم منعهم منه ابتداء ونحوه لابن رشد كما في (بن).
قوله: [إلا أن يشتهر الزاني بالزنا]: أي فرفعهم للقاضي أولى من الستر.
قوله: [أن يكشفهم]: أي يطلب منهم إيضاح الشهادة.
قوله: [وطلاق]: أي كان خلعاً أو لا فإذا ادعت امرأة على رجل أنه طلقها وهو ينكر ذلك فلا يثبت إلا بعدلين، والعوض لا يتوقف على العدلين لأنه مال وليس الكلام فيه.
قوله: [ادعتها هي أو وليها]: أي وأما ادعاء الزوج الرجعة فإن كان في العدة فهو مقبول، وإن ادعى بعدها أنه كان راجعها فيها وأنكرت فلا تقبل دعواه إلا بعدلين يشهدان على حصول الرجعة في العدة فالمناسب إطلاق قول المصنف ورجعة أي ادعتها الزوجة أو ادعاها الزوج ويقيد بما إذا كانت دعواه بعد العدة، فإن التقييد يوهم أن دعوى الزوج مقبولة مطلقاً وليس كذلك كما علمت.
قوله: [ونكاح]: أي كان يدعي أنه تزوج فلانة وهي تنكر فلا يثبت إلا بعدلين وعكسه تدعي عليه أنه تزوجها وهو ينكر فلا يثبت إلا بعدلين، وحيث قام العدلان ثبت النكاح ولا يعد إنكار الزوج طلاقاً كما تقدم في تنازع الزوجين.
قوله: [عدلان]: مبتدأ تقدم خبره في قوله "ولما ليس