للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بلا نفع) للطالب. وفائدة الأداء: احتمال [١] أن الحاكم يرى نفعها، هذا قول مالك في المدونة، وهو الذي رجع إليه. قال ابن رشد. وكان مالك يقول أولاً: إن عرف خطه ولم يذكر الشهادة ولا شيئاً منها - وليس في الكتاب محو ولا ريبة - فليشهد، وبه أخذ عامة أصحابه: مطرف وعبد الملك والمغيرة وابن أبي حازم وابن دينار وابن وهب وسحنون وابن حبيب. قال في التوضيح: صوب جماعة أن يشهد إن لم يكن محو ولا ريبة؛ فإنه لا بد للناس من ذلك، ولكثرة نسيان الشاهد المنتصب؛ ولأنه لو لم يكن يشهد حتى يذكرها لم يكن لوضع خطه فائدة. اهـ.

(ولا) يشهد (على من لا يعرف) الشاهد (نسبه) حين التحمل أو الأداء، أو عرف نسبه وتعدد (إلا على شخصه وسجله [٢]) القاضي: أي كتب في سجله -إذا شهدت البينة على ذات شخص بدين ولم تعلم نسبه أو أقر بأن في ذمته ديناً لفلان ولم يعلم نسبه، فأخبر بأن اسمه فلان ابن فلان- فليكتب في الوثيقة: (من زعم أنه فلان ابن فلان) لاحتمال أن يكون غير اسمه واسم أبيه للجحد في المستقبل.

(لا) يشهد (على) امرأة (منتقبة) أي لا يجوز تحمل الشهادة عليها حتى تكشف عن وجهها لتشهد البينة على عينها وشخصها، وإنما امتنع الإشهاد عليها وهي منتقبة (لتتعين للأداء) أي أداء الشهادة عليها. فقوله: لتتعين علة للنفي -أي عدم الجواز لا للمنفي- أي منتقبة (و) جازت الشهادة من عدلين عند حاكم (بسماع فشا) بين الناس أي اشتهر بينهم وتسمى شهادة السماع. قال ابن عرفة: شهادة السماع لقب لما يصرح الشاهد فيه باستناد شهادته لسماع من غير معين فتخرج شهادة البت والنقل (عن ثقات وغيرهم) فتعتمد البينة على ذلك (بملك) متعلق بـ "سماع" أي تشهد بسماعهم بملك الشيء من عقار أو غيره (لحائز) له، لا إن لم يكن في حوزه، فلا يجوز أن تشهد به لغير حائزه (بلم) أي بقولهم للحاكم (لم نزل نسمع ممن ذكر) أي من الثقات وغيرهم (أنه) أي هذا الشيء الذي في حوزه (له) أي لهذا الحائز. ظاهره أنه لا بد في شهادة البينة أن تجمع

ــ

قوله: [بلا نفع للطالب]: أي باعتبار ما عند الشاهد على خط نفسه.

قوله: [لاحتمال أن الحاكم يرى نفعها]: مقتضى هذا أنه لو جزم بعدم نفعها عند القاضي أنه لا يؤديها.

قوله: [صوب جماعة أن يشهد إن لم يكن محو] إلخ: محل ضرر المحو ما لم يكن مبدلاً من خط الأصل وإلا لم يضر كما في (بن).

قوله: [فإنه لا بد للناس من ذلك]: أي ولذلك نقل عن شيخ مشايخنا العدوي أنه كان يقول: متى وجدت خطي شهدت عليه، لأني لا أكتب إلا على يقين من نفسي

قوله: [أو عرف نسبه وتعدد]: أي كما إذا تعدد المنسوب لشخص معين كمن له بنتان فاطمة وزينب وأراد الشاهد أن يشهد على فاطمة، والحال أنه لا يعرف عين هذه من هذه فلا يشهد إلا على عينها ما لم يحصل له العلم بها وإن بامرأة. وإما إن لم يكن للمعين إلا بنت واحدة وكان الشاهد يعلم ذلك فلا تتوقف الشهادة على عينها.

قوله: [إلا على شخصه]: استثناء مفرغ من عموم الأحوال، أي لا يشهد على من لا يعرف نسبه في حال من الأحوال إلا في حال تعيين شخصه وحليته بحيث يكون المعول عليه من وجدت فيه تلك الأوصاف لاحتمال أن يضع المشهود عليه اسم غيره على نفسه.

قوله: [لاحتمال أن يكون] إلخ: أي فائدة التسجيل بيان عدم ثبوت النسب المذكور عند الشهود والقاضي.

قوله: [وشخصها]: عطف تفسير على ما قبله. والحاصل أنه لا يجوز الشهادة على المنتقبة تحملاً أو أداء، بل لا بد من كشف وجهها فيهما لأجل الشهادة على عينها وصفتها وهذا في غير معروفة النسب، وفي معرفته التي تختلط بغيرها، وأما معروفة النسب المنفردة أو المتميزة عند الشاهد عن المشاركة فله الشهادة عليها منتقبة في التحمل والأداء.

قوله: [علة للنفي في الحقيقة] هو علة لمحذوف قدره بقوله: "لتشهد البينة على عينها وشخصها" قوله: [لا للمنفي]: إلخ: أي لفساد المعنى

تنبيه: إن طلب الشهود للشهادة على امرأة فقالوا: أشهدتنا منتقبة ونحن نعرفها على تلك الحالة وإن كشفت وجهها لا نعرفها قلدوا وعمل بجوابهم في تعيينها، إذ الفرض أنهم عدول لا يتهمون. فهذه المسألة تفيد أن محل منع الشهادة على المنتقبة الغير معروفة النسب إذا كانوا لا يعرفونها منتقبة وإلا جازت شهادتهم عليها وقلدوا، وكذلك لو شهدت الشهود على ذات امرأة فأنكرت نفسها وقالت: لا يعرفون ذاتي خلطت بنساء وقيل لهم عينوها، فإن عينوها عمل بشهادتهم.

والدابة والرقيق كالمرأة فإذا شهدوا بدابة أو رقيق بعينه لشخص خلط بغيره من جنسه وعليهم إخراج ما شهدوا به حيث غلطهم المدعى عليه، وهذا هو التحقيق كما في الأصل و (بن) خلافاً لمن قال: إنه خطأ ممن فعل.

قوله: [فتخرج شهادة البت والنقل]: أما خروج شهادة البت فلعدم استناده لشيء أصلاً، وأما شهادة النقل فبقوله من غير معين لأنها سماع من معين.

قوله: [على ذلك]: أي السماع المذكور.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (لاحتمال).
[٢] في ط المعارف: (وسجل).

<<  <  ج: ص:  >  >>