وهي العزل والجرح والكفر والسفه والطلاق، وإن خلعاً. ويثبت بها الطلاق لا دفع العوض فهذه عشر مسائل.
(وضرر زوج) لزوجته نحو: لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أنه يضاررها فيطلقها عليه الحاكم.
(وهبة وصدقة) أي أنه وهب لفلان كذا، أو تصدق به عليه.
(ووصية) كلم نزل نسمع إلخ أن فلاناً أقام فلاناً وصياً عنه في ماله أو ولده أو أن فلاناً تحت ولاية فلان يتولى النظر له والإنفاق عليه بإيصاء أبيه أو بتقديم قاضٍ له عليه.
(ونحوها) أي المذكورات كالصدقة والعتق والولادة والحرابة والإباق والعسر واليسر. وهذه المسائل تثبت ببينة السماع لا بقيد الطول، فلذا قرنها بكاف التشبيه بعد الثلاثة المتقدمة.
(والتحمل) للشهادة (إن افتقر إليه) بأن خيف بتركه ضياع الحق من مال أو غيره (فرض كفاية) ويتعين بما يتعين به فرض الكفاية.
وظاهر كلامهم: ولو كان فاسقاً وقت التحمل أو مجروحاً بشيء آخر لجواز زوال المانع وقت الأداء، ولا يقدح فيه الخصم. ومفهوم: "افتقر إليه" أنه إن لم يفتقر إليه لا يكون فرض كفاية بل تجوز. وقد لا تجوز كشهادة على زنا من دون أربعة عدول (وتعين الأداء) على المتحمل عند الحاكم أو جماعة المسلمين إذا لم يقر المدعى عليه (من) مسافة (كبريدين) وأدخلت الكاف البريد الثالث، بدليل قوله: "لا من أربعة".
(و) تعين الأداء (على) شاهد (ثالث) بل ورابع وخامس (إن لم يجتز بهما) أي بالشاهدين عند الحاكم لاتهامهما بأمر مما مر حتى تتم الشهادة.
(وإن انتفع) من تعين عليه الأداء بأن امتنع من الأداء إلا بمقابلة شيء من الدراهم أو غيرها ينتفع به (فجرح) قادح في الشهادة؛ لأن الانتفاع رشوة في نظير ما وجب عليه سقط لشهادته قال تعالى: {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه} [البقرة: ٢٨٣] وهذا قد كتمها حتى يأخذ رشوة.
(إلا ركوبه) لدابة لمجلس الحكم (لعسر مشيه، ولا دابة له): فيجوز.
وليس بجرح. وأما الانتفاع على التحمل إذا لم يتعين فيجوز، فإن تعين لم يجز،
ــ
قوله: [وهي العزل]: أي في القاضي والوالي أو الوكيل وحيث ثبت بشهادة السماع العزل فلا يمضي حكم لقاض ولا وال ولا تصرف لوكيل.
قوله: [والجرح]: أي فلا تقبل له شهادة.
قوله: [والكفر]: أي ويجري عليه أحكامه.
وقوله: [والسفه]: أي فتجري عليه أحكامه.
قوله: [لا دفع العوض]: أي وهو الشيء الذي جعل في نظير الطلاق بل لا بد من بينة تسهد بتاً عليه.
قوله: [وصدقة]: الأولى حذفها من هنا لأنه سيأتي يدخلها تحت النحو
قوله: [والولادة]: أي بأن تقول البينة لم نزل نسمع أن هذه الأمة ولدت من فلان، أو أن هذه المرأة قد ولدت لأجل خروجها من العدة مثلاً.
قوله: [والحرابة]: أي بأن يقولوا: لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن هؤلاء الجماعة هم المحاربون أو الآخذون لمال فلان حرابة فيحكم عليهم بذلك.
قوله: [والإباق]: أي بأن يقولوا لم نزل نسمع أن فلاناً أبق له عبد صفته كذا فيعتمد الحاكم على كلامهم ويحكم له لصاحبه.
قوله: [لا بقيد الطول]: أي ولا القصر.
قوله: [والتحمل للشهادة]: هو لغة الالتزام، فإذا التزم دفع ما على المدين، يقال: إنه تحمل بالدين. وأما في عرف أهل الشرع فهو علم ما يشهد به بسبب اختياري؛ فخرج بقوله: بسبب اختياري علمه لما يشهد به بدون اختيار كما إذا كان ماراً فسمع من يقول لزوجته هي طالق فلا يسمى تحملاً.
قوله: [وظاهر كلامهم ولو كان فاسقاً] إلخ: قال بعضهم: فيه نظر لأن تحمله للشهادة فيه تعريض لضياع الحق؛ لأن الغالب رد شهادة الفاسق. نعم إن لم يوجد سواه ظهر تحملها انظر (بن).
قوله: [كشهادة على زنا] إلخ: إنما منعت الشهادة حينئذ لأنه ليس فيه شهادة. بل قذف ويحد له إن كان المشهود عليه عفيفاً
قوله: [وتعين الأداء] إلخ: قال الخرشي: والأظهر أنه يكتفى في الأداء بالإشارة المفهمة وقد عرف ابن عرفة الأداء بقوله: الأداء عرفاً إعلام الشاهد الحاكم بشهادة بما يحصل له العلم بما شهد به، فقوله: بشهادة متعلق بإعلام والباء للتعدية.
وقوله: بما يحصل إلخ: بيان لما قبله ومعناه إعلام الشاهد الحاكم بشهادته بشيء يحصل العلم للحاكم بما شهد به والضمير في له يتعين عوده على الحاكم اهـ.
قوله: [بأمر مما مر]: أي كتأكد القرابة للمشهود له أو العداوة للمشهود عليه أو جرح بوجه مما تقدم.
قوله: [بأن امتنع من الأداء] إلخ: ظاهره أن انتفاعه من غير امتناع من الأداء ليس بجرحة وليس كذلك بل انتفاع من تعين عليه الأداء جرحة امتنع أو لا كما في (ر).
قوله: [فإنه آثم قلبه]: إسناد الإثم للقلب مجاز عقلي لأن أثر العصيان يظهر فيه فهو من إسناد الشيء إلى مكان ظهور أثره.
قوله: [إلا ركوبه]: أي إذا دفع المشهود له للشاهد أجرة ركوبه أو أركبه دابته فليس بجرح، فإن دفع المشهود له للشاهد أجرة الركوب فأخذها ومشى فانظر هل يكون جرحة أم لا والظاهر الأول لأنه يخل بالمروءة ولعله ما لم تشتد الحاجة، وانظر إذا عسر مشيه وعدمت دابته ولكنه موسر هل يلزمه أن يكري لنفسه دابة يركبها ولا يجوز له أخذ الدابة من المشهود له أو لا يلزمه أن يكري لنفسه دابة ويجوز له أخذ أجرتها من المشهود له أو يركبه دابة واستظهر الأول.