(فإن نكل) المطلوب عن اليمين حين الدعوى (أخذه الصبي) لنكول المدعى عليه مع قيام الشاهد به عليه.
(وإن) حلف فترك المدعى به بيده لبلوغ الصبي ليحلف و (نكل) الصبي (بعد بلوغه فلا شيء له وحلف وارثه) أي وارث الصبي (إن مات) الصبي (قبله) أي قبل بلوغه واستحق المدعى به.
(وجاز نقلها): أي الشهادة عن الشاهد الأصلي، وتسمى: شهادة النقل. وإنما تصح بشروط ستة.
أشار لأولها بقوله: (إن قال) الشاهد الأصلي للناقل عنه: (اشهد على شهادتي) - أو نحوه مما يرادفه كما نقلها عني أو ما هو بمنزلة ذلك كما أفاده بقوله: (أو سمعه يؤديها عند حاكم) إذ سماعه يؤديها عند حاكم بمنزلة قوله: اشهد على شهادتي. وأما إذا سمعه يخبر غيره بأني قد شهدت على كذا فلا ينقل عنه. نعم إذا سمعه يقول لغيره: اشهد على شهادتي فهل للسامع النقل؟ فيه خلاف، والمشهور الجواز، وهو داخل في كلامنا لأن المعنى: وقال لغيره: اشهد إلخ، فيجوز ولو لغير المخاطب من السامعين. وشمل كلامه نقل النقل؛ لأن المراد ولو تسلسل، قال ابن عرفة: النقل عرفاً إخبار الشاهد عن سماعه شهادة غيره أو سماعه إياه لقاض، فيدخل نقل النقل ويخرج الإخبار بذلك لغير قاض. اهـ.
ولثانيها بقوله: (وغاب الأصل وهو رجل) الواو للحال، فلا يصح النقل مع حضور الأصل إذا كان رجلاً. وأما المرأة فيصح مع حضور لأن شأن النساء عدم الخروج في الدعاوى.
ولثالثها بقوله: (بمكان): أي إن غاب بمكان (لا يلزم) الأصلي (الأداء منه): كمسافة القصر. وظاهره في الحدود وغيرها وهو مذهب سحنون، وقال ابن القاسم في العتبية: لا يكفي الغيبة في الحدود ثلاثة الأيام، بل لا بد من الزيادة عليها وهو ما مشى عليه الشيخ بقوله: "ولا يكفي في الحدود الثلاثة الأيام"
ــ
فلا يعارض ما سبق من أن طرو الفسق بعد الأداء مضر.
قوله: [فإن نكل المطلوب]: مقابل قوله "وحلف المطلوب".
قوله: [فترك المدعى به]: أي كما تقدم، وإنما أعاده تمهيداً لكلام المصنف
قوله: [وحلف وارثه]: محل حلف الوارث واستحقاقه ما لم يكن ذلك الوارث بيت المال أو مجنوناً أو مغمى عليه غير مرجو الإفاقة، وإلا فلا يحلف وترد اليمين على المطلوب، ويستحق ولا حق لبيت المال، ولا للوارث المجنون أو المغمى عليه ومحل ردها على المطلوب في تلك الحالة ما لم يكن حلف أولاً وإلا فلا تعاد، فإن كان الوارث مجنوناً أو مغمى عليه مرجواً كل الإفاقة انتظر ولا يحلف المطلوب ويوضع المتنازع فيه بيد أمين كذا في الحاشية.
تنبيه: إن تعذر يمين بعض أو كل فالأول كمن وقف وقفاً على بنيه وعقبه وقام عليه شاهد واحد فإن اليمين متعذرة من العقب لعدم وجوده، والثاني كمن وقف وقفاً على الفقراء وقام عليه شاهد، فاليمين متعذرة من جميعهم حلف من يخاطب باليمين وهو البعض الموجود من الموقوف عليهم في الأول والمدعى عليه في الثاني، فإن حلف الموجود مع الشاهد ثبت الوقف، وإن حلف بعض الموجودين دون بعض ثبت نصيب من حلف دون غيره، فإن نكل الجميع بطل الوقف إن حلف المدعى عليه، وإن نكل فحبس بشهادة الشاهد ونكوله، فإن مات البعض الحالف متحداً أو متعدداً ولم يبق إلا لناكل، فهل يستحق نصيب الميت الحالف أهل طبقته الناكلون؛ لأن نكولهم عن الحلف أولاً عن نصيبهم لا يمنع استحقاق نصيب الحالف الميت؟ أو يستحقه أهل البطن الثاني لبطلان حق بقية البطن الأول بنكولهم وأهل البطن الثاني إنما تلقوه عن جدهم المحبس فلا يضرهم نكول أبيهم إن كان هو الناكل؟ تردد، الراجح الثاني وكل من استحق لا بد من يمينه لأن أصل الوقف بشاهد واحد، وينبغي أن يحلف غير ولد الميت؛ لأن ولده يأخذ بالوراثة عن أبيه ومحل التردد المذكور ما لم يشترط الواقف أنه لا يأخذ أحد من أهل البطن الثاني شيئاً إلا بعد انقراض البطن الأول، وإلا كان لأهل البطن الأول اتفاقاً، وموضوع التردد أيضاً في موت البعض الحالف ولم يبق إلا الناكل، وأما إذا بقي بعض من حلف مع البعض الناكلين فلا شيء للناكلين، ويستحق نصيب الميت الحالف بقية الحالفين، وهل يحلفون أيضاً أو لا؟ قولان اهـ ملخصاً من الأصل وحاشيته
قوله: [وجاز نقلها] إلخ: اعلم أن شهادة النقل تجوز في الحدود والطلاق والولاء وفي كل شيء كما أفاده (بن).
قوله: [والمشهور الجواز]: قال المواق ابن رشد: إن سمعه يؤديها عند الحاكم أو سمعه يشهد غيره وإن لم يشهده فالمشهور أنها جائزة اهـ (بن).
قوله: [فيدخل نقل النقل]: أي في قوله "أو سماعه إياه". وقوله: [لقاض]: متعلق بـ "إخبار". وحاصل هذا التعريف أن قوله "إخبار الشاهد" من إضافة المصدر لفاعله و "شهادة" مفعول لـ "سماعه". بمعنى أن الشاهد يخبر القاضي أنه سمع تلك الشهادة من غيره لكونه قال له: انقلها عني أو سمعه يؤديها عند حاكم، وقوله "أو سماعه إياه" الضمير في "إياه" يعود على الإخبار بمعنى الشهادة أي سمع الشهادة عن ناقل غير صاحبها الأصلي فلذلك قلنا يدخل فيه نقل النقل
قوله: [مع حضور]: هكذا