للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعليه: فيحلف المشهود له أنها في ملكي ولم تخرج عن ملكي بناقل شرعي بتاً، ويحلف وارثه على نفي العلم.

(وإن شهدت) البينة على مكلف غير محجور (بإقرار من أحدهما) أي من أحد المتنازعين في الشيء للآخر بأن تقول البينة: نشهد بأنه قد أقر سابقاً بأن هذا الشيء لفلان وهو الآن يدعيه لنفسه (استصحب) إقراره وقضى به لفلان؛ لأن غير المحجور مؤاخذ بإقراره، فلا يصح له دعوى الملك فيه لنفسه إلا بإثبات انتقاله إليه.

(وإن تعذر ترجيح) لإحدى البينتين بوجه من المرجحات (وهو) أي والحال أن المتنازع فيه (بيد غيرهما) أي غير المتنازعين (سقطتا) لتعارضهما (وبقي) المتنازع فيه (بيد حائزه) وتقدم أنه لو كان بيد أحدهما لكان الترجيح باليد.

(أو) يكون (لمن يقر) الحائز له (به منهما) أي من المتنازعين اللذين أقاما البينتين المتعارضتين؛ لأن إقراره لأحدهما كأنه ترجيح لبينته فإن أقر لغيرهما لم يعمل بإقراره، بخلاف ما لو تجردت دعوى كل عن البينة فيعمل بإقراره ولو لغيرهما.

(ومن) له حق على آخر وأنكره، ولم يجد بينة أو سرق منه شيئاً أو غصبه ولم يقدر على خلاصه منه بحاكم و (قدر على) أخذ (حقه) باطناً بسرقة ونحوها (فله أخذه) بشروط ثلاثة أفادها بقوله:

(إن أمن فتنة) أي وقوع فتنة من ضرب أو جرح أو حبس ونحو ذلك.

(و) أمن (رذيلة) تنسب إليه من سرقة أو غصب.

(وكان) الحق (غير عقوبة) فإن كان عقوبة فلا يستوفيها بنفسه بل لا بد من الحاكم، فلا يضرب من ضربه ولا يجرح من جرحه ولا يسب من سبه.

(ويجيب الرقيق) ذكراً أو أنثى إذا ادعي عليه بعقوبة من ضرب أو جرح أو قتل أو بموجب حد أو تعزير من كل ما يتعلق ببدنه (عن العقوبة) لأنه الذي يتوجه عليه الحكم لا سيده.

(و) يجيب (سيده عن) موجب (الأرش) لأن الجواب إنما يعتبر فيما يأخذ المكلف به لو أقر، والعبد لو أقر بمال لم يلزمه. فلو ادعي عليه بجناية خطأ فلا يعتبر إقراره، وإنما الكلام لسيده إلا لقرينة ظاهرة توجب قبول إقراره ففي كتاب الديات في عبد راكب على برذون مشى على أصبع صغير فقطعها فتعلق به الصغير وهي تدمي ويقول: فعل بي هذا، وصدقه العبد: أن الأرش متعلق برقبته. اهـ.

(وإن قال) من عليه حق لوكيل رب الحق الغائب حين طالبه الوكيل (أبرأني موكلك الغائب) أو قضيته حقه (أنظر) المدعى عليه بكفيل بالمال إلى أن يعلم حقيقة الحال (إن قربت) غيبة رب الحق، فإن بعدت قضي عليه بالدفع للوكيل؛ لأنه معترف بالحق مدعياً الإبراء أو القضاء. فإن حضر الغائب

ــ

قوله: [وعليه فيحلف المشهود له]: أي على القول بأن الخامس شرط كمال

قوله: [بوجه من المرجحات]: أي من قوله "ببيان السبب" إلى هنا.

قوله: [أي والحال أن المتنازع فيه بيد غيرهما]: حاصل ما ذكره الشارح وغيره أن في تلك المسألة ثماني صور: لأن من هو بيده تارة يدعيه لنفسه وتارة يقر به لأحدهما، وتارة لغيرهما، وتارة لا يدعيه لأحد. وفي الأربع: تارة يكون لكل من المتنازعين بينة وتسقط البينتان بعدم الترجيح، وتارة تنعدم بينة كل؛ فهذه ثمان صور. ففي صور البينة إذا ادعاه لنفسه وسقطت البينتان بقي بيده حوزاً وإن أقر به لأحدهما فهو للمقر له بيمين، وإن أقر به لغيرهما، أو قال: لا أدري لمن هو، لم يلتفت إليه ويقسم بينهما، وفي صور عدم البينة إن ادعاه لنفسه حلف وبقي بيده وإن أقر به لأحدهما أو لغيرهما أخذه المقر له بلا يمين لقوة الإقرار هنا وضعفه مع البينة، فلذا حلف مع البينة ولم يحلف هنا. وإن سكت أو قال: لا أدري، قسم على الدعوى اهـ ملخصاً من (بن).

قوله: [ومن له حق]: أي مالي وهذه المسألة قد تقدمت في باب الوديعة وإنما كررها لأن هذا الباب يغتفر فيه التكرار لمناسبة القضاء والشهادة.

قوله: [وأنكره]: مثله لو أقر وكان مماطلاً.

قوله: [فلا يستوفيها]: إثبات الياء يفيد أن "لا" نافية أي فالحكم أنه لا يستوفيها.

قوله: [بل لا بد من الحاكم]: أي فإن لم يكن حاكم منصف وجب عليه التفويض لله الحكم العدل، ولا يأخذ ثأره بنفسه لما فيه من زيادة الهرج والفساد في الأرض.

قوله: [ويجيب الرقيق]: محل اعتبار جواب الرقيق في دعوى جناية القصاص ما لم يتهم فإن اتهم في جوابه لم يعمل به كإقراره بقتل مماثله وقد استحياه سيد مماثله ليأخذه فإنه لما استحياه يتهم أنه تواطأ مع سيد العبد على نزعه من تحت يد سيده وحينئذ فلا يعمل بجوابه ولا يمكن سيد العبد المماثل من أخذه ويبطل حق ذلك السيد من القصاص، إن لم يكن مثله يجهل أن الاستحياء كالعفو يسقط القصاص وإلا فله الرجوع للقصاص، بعد حلفه أنه جهل ذلك.

قوله: [أو بموجب حد]: أي كزنا أو شرب، وقوله "أو تعزير" أي كسب من لا يجوز سبه بغير ما يوجب الحد.

قوله: [عن العقوبة]: متعلق بـ "يجيب"، والمعنى أنه يتولى الجواب عن الدعوى التي تسبب عنها العقوبة.

قوله: [ففي كتاب الديات]: خبر مقدم و "أن الأرش" مؤول بالمصدر مبتدأ مؤخر.

قوله: [أن الأرش متعلق برقبته]: أي وحينئذ فيخير سيده بين أن يفديه أو يسلمه في أرشه.

قوله: [إن قربت غيبة رب الحق] إلخ: التفرقة المذكورة بين الغيبة القريبة والبعيدة هو قول ابن عبد الحكم والمنصوص لابن القاسم في سماع عيسى أنه يقضى

<<  <  ج: ص:  >  >>