للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلافاً للحنفية (كخنق ومنع طعام) حتى مات أو منع شرب حتى مات، فالقود إن قصد بذلك موته، فإن قصد مجرد التعذيب فالدية، إلا أن يعلم أنه يموت فعلم الموت ملحق بقصده كما في النقل.

(وسقي سم) عمداً فيه القود.

(ولا قسامة) حيث تعمد ما ذكر (إن أنفذ) الضارب (مقتله أو) لم ينفذه و (مات مغموراً) مما ذكر بأن ضربه فرفع مغموراً من الضرب أو الجرح حتى مات، بل يقتص منه بلا قسامة، كما لو رفع ميتاً مما ذكر فإن لم ينفذ له مقتل وأفاق بعد الضرب أو الجرح ثم مات لم يقتص إلا بالقسامة، وكذا لا دية في الخطأ إلا بها ولو لم يأكل أو يشرب حال إفاقته لاحتمال موته من أمر عارض.

(وكطرح) معصوم (غير محسن عوم) في نهر (مطلقاً) لعداوة أو غيرها.

(أو) طرح (من يحسنه عداوة) فغرق فالقود.

(وإلا) يكن لعداوة بل لعباً (فدية) وهذا إذا علم أنه يحسنه أو لا يحسنه، فإن جهل ذلك فالقصاص في العداوة والدية في اللعب؛ فالدية في صورتين والقصاص في الباقي.

وما تقدم كله في الجناية مباشرة، وأما الجناية بالسبب فأشار له بقوله (أو تسبب) الجاني في الإتلاف: (كحفر بئر، وإن) حفرها (ببيته) فوقع فيها المقصود.

(أو وضع) شيء (مزلق) كقشر بطيخ، أو ماء بنحو طين مزلق بطريق لمقصود.

(أو ربط دابة بطريق) لمقصود.

(أو) اتخاذ (كلب عقور) أي شأنه العقر

(لمعين) راجع لجميع ما قبله.

(وهلك) المعين (المقصود) بالبئر وما بعده فالقود من المتسبب.

(وإلا) يهلك المقصود بل غيره، أو لم يكن لمعين بل قصد مطلق الضرر فهلك بها إنسان (فالدية) في الحر المعصوم، والقيمة في غيره. ومفهوم قصد مطلق الضرر: أنه إن لم يقصد ضرراً بالحفر وما بعده فلا شيء عليه، ويكون هدراً. وهذا إن حفر البئر بملكه أو بموات لمنفعة ولو لعامة أو وضع المزلق لا بطريق الناس أو ربط الدابة ببيته أو بطريق على وجه الاتفاق؛ كسوق وعند مسجد أو بيت أحد لنحو ضيافة أو اتخذ الكلب ببيته لحراسة،

ــ

أنه عمد يقتص منه إلا في حق الوالد فلا قصاص، بل فيه الدية مغلظة. الثالث أن يقصد القتل على وجه الغيلة فيتحتم القتل ولا عفو. قاله ابن رشد في المقدمات كذا في (بن).

قوله: [خلافاً للحنفية]: راجع للقضيب وما بعده فعندهم لا قصاص في هذه الأشياء، وظاهره ولو قصد قتله به وإنما القصاص عندهم في القتل بالمحدد سواء كان حديداً أو حجراً أو خشباً أو بما كان معروفاً بالقتل كالمنجنيق والإلقاء في النار.

قوله: [كما في النقل]: ولفظ ابن عرفة من صور العمد ما ذكره ابن يونس عن بعض القرويين أن من منع فضل مائه مسافراً عالماً بأنه لا يحل له منعه، وأنه يموت إن لم يسقه قتل به وإن لم يل قتله بيده اهـ فظاهره أنه يقتل به سواء قصد بمنعه قتله أو تعذيبه. فإن قلت قد مر في باب الذكاة أن من منع شخصاً فضل طعامه وشرابه حتى مات فإنه يلزمه الدية. قلت: ما مر في الذكاة محمول على ما إذا منع متأولاً، وما هنا غير متأول أخذاً من كلام ابن يونس المذكور.

قوله: [إن أنفذ الضارب مقتله] إلخ: ظاهره أن القصاص على المنفذ ولو أجهز عليه شخص آخر وهو كذلك، ويؤدب المجهز فقط على أظهر الأقوال.

والحاصل أن الذي يختص بالقتل هو من أنفذ المقاتل كما هو سماع يحيى بن القاسم ومقابله ما في سماع ابن أبي زيد أن الذي يقتل هو المجهز الثاني وعلى الأول الذي أنفذ المقاتل الأدب؛ لأنه بعد إنفاذها معدود من جملة الأحياء ويرث ويورث ويوصي بما شاء من عتق وغيره، واستظهر ابن رشد الأول.

قوله: [ومات مغموراً]: المغمور هو من لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم حتى مات.

قوله: [وأفاق بعد الضرب أو الجرح]: محترز قوله "فيرفع مغموراً".

قوله: [وكذا لا دية في الخطأ إلا بها]: أي بالقسامة عند نفي الإنفاذ ونفي الغمور.

قوله: [فالقود]: جواب عن الثلاث صور وهي طرح غير محسن العوم مطلقاً لعداوة أو غيرها ومن يحسنه عداوة.

قوله: [فدية]: أي مخمسة لا مغلظة خلافاً لابن وهب.

قوله: [أو لا يحسنه]: أي بأن علم ضده وهو توطئة لما بعده.

قوله: [فالدية في صورتين والقصاص في الباقي]: حاصله أنه إما أن يطرحه عالماً بأنه يحسن العوم أو عالماً بأنه لا يحسنه أو يشك في ذلك، والطرح إما على وجه العداوة أو اللعب؛ فإن طرحه عالماً بأنه يحسن العوم ففيه القصاص إن كان عداوة وإن كان لعباً فالدية وإن طرحه عالماً بأنه لا يحسن العوم فالقصاص طرحه عداوة أو لعباً، وإن طرحه شاكاً فإن كان الطرح عداوة فالقصاص أو لعباً فالدية فجملة الصور ست، فقول الشارح: والقصاص في الباقي مراده في أربع.

قوله: [مزلق]: اسم فاعل.

قوله: [طين مزلق]: احترز بذلك عن الطين الغير مزلق كالأرض المرملة فلا يقتص من فاعله.

قوله: [أو ربط دابة]: أي شأنها الإيذاء إما برفس أو نطح أو عض.

قوله: [بطريق لمقصود]: قيد في الدابة والمزلق بدليل تقدير الشارح.

قوله: [راجع لجميع ما قبله]: أي ولذلك قدر الشارح في الكل قوله "لمقصود".

قوله: [فالدية]: أي في صورتين وهما ما إذا هلك بها غير المقصود أو قصد بها مطلق الضرر وهلك بها مطلق إنسان.

قوله: [وهذا إن حفر البئر بملكه] إلخ: تقييد للتفصيل المتقدم.

قوله: [لحراسة]: ظاهره أن اتخاذه للحراسة ونحوها

<<  <  ج: ص:  >  >>