للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وسقط القصاص) إن عفا رجل من المستحقين، حيث كان العافي مساوياً (في درجة الباقي) والاستحقاق؛ كابنين أو عمين أو أخوين، وأولى إن كان العافي أعلى كعفو ابن مع أخ فإن كان أنزل درجة لم يعتبر عفوه؛ كعفو أخ مع ابن وكذا لو كان العافي لم يساو الباقي في الاستحقاق كإخوة لأم مع إخوة لأب.

(والبنت) أو بنت الابن (أحق من الأخت في عفو وضده) فمتى طلبت القصاص الثابت ببينة أو اعتراف أو العفو عن القتل فلها، ولا كلام للأخت وإن كانت مساوية لها في الإرث ولا شيء لها من الدية.

أما لو احتاج القصاص لقسامة فليس لهما أن يقسما؛ لأن النساء لا يقسمن في العمد بل العصبة فحيث أقسموا وأرادوا القتل وعفت البنت، فلا عفو لها، وإن عفوا أو أرادت القتل فلا عفو لهم إلا باجتماع الجميع أو بعض البنات وبعض منهم.

(وإن عفت واحدة من كبنات) أو بنات ابن أو أخوات، ولم يكن عاصب أو كان ولا كلام (نظر الحاكم) العدل في الصواب من إمضاء ورد لأنه بمنزلة العاصب إذ يرث الباقي لبيت المال.

(وفي) اجتماع (رجال ونساء) أعلى درجة منهم ولا يحزن الميراث (لم يسقط) القصاص (إلا بهما) أي بعفو الفريقين، فمن أراد القصاص من الفريقين فالقول قوله، وكرر هذه لأجل قوله: (أو ببعض عن كل) من الفريقين؛ (ومهما عفا البعض) من المستحقين للدم مع تساوي درجتهم بعد ثبوت الدم مطلقاً ببينة أو غيرها فإنه يسقط القصاص.

وإذا سقط (فلمن بقي) ممن لم يعف، وله التكلم أو مع من له التكلم.

(نصيبه من دية عمد) وكذا لو عفا جميع من له التكلم مرتباً، فلمن بقي ممن لا تكلم له نصيبه كولدين وزوج أو زوجة لأنه مال ثبت بعفو الأول بخلاف لو عفوا في فور واحد فلا شيء لمن لا تكلم له، كما إذا كان من له التكلم واحداً وعفا.

(كإرثه) أي الدم تشبيه في سقوط القصاص، كما لو قتل أحد ولدين أباه ثم مات غير القاتل ولا وارث له سوى القاتل

ــ

عليه الحد فيه لئلا يؤدي إلى تنجيسه، وسواء فعل موجب الحد في الحرم أو خارجه ولجأ إليه وأما قوله تعالى: {ومن دخله كان آمناً} [آل عمران: ٩٧] فقيل: إنه إخبار عما كان في زمن الجاهلية بدليل: {أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم} [العنكبوت: ٦٧] وقيل إن الآية منسوخة بآية: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: ٥] وقيل كان آمناً من العذاب في الآخرة، وقيل الجملة إنشائية معنى أي أمنوه من القتل والظلم إلا بموجب شرعي وهذا هو الأتم لقوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} [الحج: ٢٥].

قوله: [وسقط القصاص]: أي المعبر عنه فيما تقدم بالقود.

وحاصله أنه إذا كان القائم بالدم رجالاً فقط مستوين في الدرجة والاستحقاق، فإن اجتمعوا كلهم على القصاص وجب، وإن طلب بعضهم القصاص وبعضهم العفو فالقول لطالب العفو ويسقط القصاص ولمن يعف نصيبه من دية عمد.

قوله: [والاستحقاق]: قيد تركه المصنف وزاده الشارح وسيأتي محترزه في الشارح.

قوله: [أو أخوين]: أي أشقاء أو لأب ومثلهما العمان.

قوله: [في الاستحقاق]: أي في أصل استحقاق الدم إذ لا استحقاق للإخوة للأم فيه لما تقدم أن الاستيفاء للعاصب وهم غير عصبة.

قوله: [والبنت] إلخ: هذه مرتبة ثانية وهي ما إذا كان القائم بالدم نساء فقط وذلك لعدم مساواة عاصب لهن في الدرجة بأن لم يوجد أصلاً أو وجد وكان أنزل.

قوله: [وإن كانت مساوية لها في الإرث]: أي ولا يلزم من مساواتها لها في الإرث مساواتها لها في الدم.

قوله: [ولا شيء لها من الدية]: أي دية عمد لعدم مساواتها في التعصيب كتساوي العصبة من الرجال.

قوله: [أما لو احتاج القصاص لقسامة]: محترز قوله "الثابت ببينة أو اعتراف".

قوله: [فلا عفو لها]: أي والقول للعصبة في القصاص.

قوله: [فلا عفو لهم]: أي والقول لها في طلب القصاص.

قوله: [أو كان ولا كلام]: أي لكون البنت أعلى درجة منه والقتل ثابت بالبينة أو الإقرار.

قوله: [في الصواب من إمضاء ورد]: أي فإذا أمضى بنظره عفو بعض البنات فلمن بقي منهن نصيبه من الدية. ومفهوم قوله "واحدة من كبنات" أنه لو عفون كلهن أو أردن القتل كلهن لم يكن للحاكم نظر.

قوله: [لأنه بمنزلة العاصب]: هذا التعليل غير تام لأن الحكم أن الحاكم ينظر وإن لم يكن وارثاً كما إذا قتل الرجل وترك بنتين وأختاً وعفت إحدى البنتين فالأظهر في التعليل أن يقال إنما جعل النظر للحاكم لضعف رأي النساء بخلاف الرجال.

قوله: [ولم يحزن الميراث]: ومثله لو حزن الميراث وكان القتل بقسامة.

قوله: [وكرر هذه]: الصواب حذفه لأنه لا تكرار، فإن هذه الصورة لم تتقدم بعينها وإنما يرد على قول خليل حيث قدم على تلك العبارة، ولكل القتل ولا عفو إلا باجتماعهما.

والحاصل أنه إذا اجتمع رجال ونساء أعلى درجة وكان للرجال كلام لكونهم وارثين ثبت القتل ببينة أو إقرار أو قسامة أو كانوا غير وارثين وثبت القتل بقسامة لم يسقط القصاص إلا بكل من الفريقين أو ببعض منهما.

قوله: [وله التكلم] إلخ: يعني أن من عفا سقط حقه من الدم ومن الدية وما بقي منها يكون لمن بقي ممن له التكلم ولغيره من بقية الورثة كالزوج أو الزوجة والإخوة للأم. قال في المدونة: وإن عفا أحد ابنين سقط حظه من الدية وبقيتها لمن بقي تدخل فيه الزوجة وغيرها.

قوله: [كولدين وزوج]

<<  <  ج: ص:  >  >>