للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بطل اللوث فلا قسامة، واحترز "بالحر" عن قول [١] العبد، وبالمسلم عن الكافر، وبالبالغ عن قول الصبي، فلا يقبل قولهم والمراد بفلان: اسم القاتل حراً أو عبداً، بالغاً أو صبياً، ذكراً أو أنثى.

(أو) قال: (دمي عنده): فإنه مثل قوله: قتلني، يجري فيه شروطه المتقدمة، وسواء كان قول الحر المسلم: قتلني (عمداً أو خطأ) ففي العمد يستحقون بالقسامة القصاص وفي الخطأ الدية (ولو) كان القائل: قتلني إلخ (مسخوطاً): أي فاسقاً (لعدل): أي ادعى على عدل ولو أعدل وأورع أهل زمانه أنه قتله إلخ.

(أو) كان القائل (ابناً): أي ولداً لأبيه: أي ادعى على أبيه أنه ذبحه أو شق جوفه أو رماه بحديدة قاصداً قتله، فيقسمون ويقتل فيه. وإلا فيقسمون ويأخذون الدية مغلظة.

(وإن أطلق) القائل ولم يقيد بعمد ولا خطأ (بينوا): أي أولياؤه أنه عمد أو خطأ وأقسموا على ما بينوا.

(وبطلت) القسامة (إن قالوا: لا نعلم) هل القتل عمد أو خطأ أو لا نعلم من قتله (أو اختلفوا) بأن قال بعض الأولياء: قتله عمداً. وقال بعضهم: لا نعلم هل قتله خطأ أو عمداً؛ فيبطل الدم لأنهم لم يتفقوا على أن وليهم قتل عمداً حتى يستحقوا القود، ولا على من قتله فيقسمون عليه، أما لو قال بعضهم: قتله خطأ، وقال البعض: لا نعلم خطأ أو عمداً، فلمدعي الخطأ الحلف لجميع أيمان القسامة ويأخذ نصيبه من الدية لأن الثابت في الخطأ مال أمكن توزيعه، ولا شيء لغيره. ومثله لو قالوا جميعاً: خطأ، ونكل البعض. فلو قال بعضهم: خطأ وبعضهم: عمداً، فإن استووا في الدرجة - كالبنين أو الإخوة فيحلف الجميع على كل طبق دعواه على قدر إرثه، ويقضى للجميع بدية الخطأ. فلو نكل مدعي الخطأ عن الحلف فلا شيء للجميع وإن نكل بعض مدعي الخطأ فلمدعي العمد

ــ

عند موته لا يتجاسر على الكذب في سفك دم غيره كيف وهو الوقت الذي يحق فيه الندم ويقلع فيه الظالم، ومدار الأحكام على غلبة الظن، وأيدوا ذلك بالقسامة وهي أيمان مغلظة احتياطاً في الدماء؛ ولأن الغالب على القاتل إخفاء القتل عن البينات فاقتضى الاستحسان ذلك.

قوله: [بطل اللوث]: أي على مشهور المذهب خلافاً للسنهوري وعبد الحميد الصائغ القائلين بقبول قوله، ويكون لوثاً تحلف الولاة معه أيمان القسامة.

قوله: [فلا يقبل قولهم]: أي لأنهم ليسوا من أهل الشهادة وأما المسخوط والمرأة فهما من أهلها في الجملة فلذلك قبل قولهما.

قوله: [أو قال دمي عنده]: تنويع في المثال الأول.

قوله: [عمداً أو خطأ]: تعميم في المثال المتقدم لا فرق بين تعبيره بقتلني أو جرحني أو ضربني أو دمي فقول شارحنا "وسواء كان قول الحر المسلم قتلني" أي وما عطف عليه.

قوله: [وفي الخطأ الدية]: أي على إحدى الروايتين فيه، قال في المقدمات: إن قال قتلني خطأ ففي ذلك روايتان عن مالك: أحدهما أن قوله يقبل ويكون معه القسامة ولا يتهم وهذا أشهر، والثانية لا يقبل قوله لأنه يتهم على أنه أراد إغناء ورثته فهو شبيه بقوله عند الموت لي عند فلان كذا وكذا، وهذه الرواية أظهر في القياس وإن كان خليل رد عليها بـ "لو" أفاده (بن).

قوله: [قاصدا قتله]: قيد في قوله "أو رماه بحديدة".

قوله: [ويقتل فيه]: أي في الأمثلة الثلاثة المتقدمة.

وقوله: [وإلا]: أي بأن قال: دمي عند أبي مثلاً أو رماني بحديدة ولم يدع عليه القصد.

قوله: [ولم يقيد بعمد ولا خطأ]: عطف تفسير.

قوله: [أو لا نعلم من قتله]: أي لأن القسامة لا تكون إلا على معين فإن قلت: موضوع المسألة أن القاتل معلوم من قول المقتول فكيف يقولون لا نعلم من قتله.

والجواب أنه يحمل على أنه قال قتلني زيد مثلاً والمدعى عليه مشارك في الاسم فحينئذ يظهر قولهم لا نعلم من قتله

قوله: [فيبطل الدم]: هذا هو جواب الشرط صرح به للإيضاح وإلا فقول المصنف "وبطلت" يدل عليه.

قوله: [لأنهم لم يتفقوا]: إلخ: لف ونشر مرتب، فإن قوله "لم يتفقوا" راجع لقوله "لا نعلم هل القتل عمداً أو خطأ".

وقوله: [ولا على من قتله]: راجع لقوله "أو لا نعلم من قتله" فكان المناسب أن يقدم هذا التفريع على قول المصنف، "أو اختلفوا" ولم يفرع على حل قوله "أو اختلفوا" ولو فرع عليه لقال فيبطل الدم أيضاً؛ لأنهم لم يتفقوا على العمد حتى يقتص لهم والدم لا يتبعض فعند ذلك يحسن قوله بعد ذلك، أما لو قال بعضهم: قتله خطأ وفي العبارة تعقيد وخلل لا يخفى.

قوله: [حتى يستحقوا القود]: أي ولم يتفقوا على أنه خطأ حتى يستحقوا الدية فكان عليه أن يزيد ذلك.

قوله: [فيقسمون عليه]: المناسب حذف النون.

قوله: [وأما لو قال بعضهم] إلخ: هذا مفهوم قوله "بأن قال بعض الأولياء: قتله عمداً".

قوله: [ومثله]: أي في كون من لم ينكل يحلف جميع أيمان القسامة ويأخذ نصيبه من الدية.

قوله: [ونكل البعض]: أي وحلف البعض جميع أيمان القسامة.

قوله: [فلو قال بعضهم]: إلخ هذا من جملة مفهوم قول الشارح "بأن قال بعض الأولياء" إلخ.

قوله: [فإن استووا في الدرجة]: أي وهي في كون كل واحد له التكلم كما مثل الشارح، ومفهوم قوله "استووا في الدرجة" أنهم لو اختلفوا في العمد والخطأ واختلفت مرتبتهم قرباً وبعداً وكان الجميع له التكلم كبنات وأعمام فإن قالت العصبة: عمداً والبنات خطأ كان الدم هدراً لا قسامة فيه ولا دية ولا قود، وإن قالت العصبة: خطأ والبنات


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (قوله).

<<  <  ج: ص:  >  >>