للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشرط الشيء: ما كان خارجاً عن حقيقته، وركنه ما كان جزءاً من حقيقته. والشرط ما يلزم من عدمه عدم المشروط، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم. فإن كان شرط وجوب فقط كالبلوغ قلت: هو ما يلزم من عدمه عدم وجوب الشيء كالصلاة مثلاً، ولا يلزم من وجوده وجود الوجوب لاحتمال وجود مانع كالحيض، ولا عدم الوجوب بل قد يحصل الوجوب وذلك عند انتفاء المانع وتوفر الأسباب كدخول الوقت. وإن كان شرط صحة فقط كالإسلام قلت: هو ما يلزم من عدمه عدم الصحة، ولا يلزم من وجوده وجود الصحة لجواز انتفاء شرط آخر كالطهارة، أو وجود مانع كالحيض، ولا عدمها بل قد توجد إذا انتفت الموانع وتوفرت الأسباب. وإن كان شرطاً في الوجوب والصحة معاً - كالعقل بالنسبة للصلاة - قلت: هو ما يلزم من عدمه عدمهما ولا يلزم من وجوده وجودهما ولا عدمهما.

أما كونه لا يلزم من وجوده وجودهما فلجواز حصول مانع منهما كالحيض. وأما كونه لا يلزم من وجوده عدمهما، فلجواز توفر الأسباب وانتفاء الموانع، وهي - إذا توفرت مع انتفاء الموانع - حصل الوجوب والصحة.

أما شروط وجوبها فقط فاثنان: البلوغ وعدم الإكراه على تركها، فوجوبها يتوقف عليهما دون الصحة، إذ تصح مع فقدهما فتصح من الصبي ومن المكره حال الإكراه لو وقعت. والتحقيق أن المكره تجب عليه إذا تمكن من الطهارة بأن يجريها على قلبه كما يأتي. فعدم الإكراه ليس بشرط في الوجوب فلذا لم يلتفت له في المتن.

وأما شروط الصحة فقط [١] فخمسة: طهارة الحدث وطهارة الخبث على أشهر القولين - وقيل: سنة، وشهر أيضاً - والإسلام، وستر العورة، والاستقبال.

وأما شروطهما معاً فستة: بلوغ الدعوة والعقل ودخول الوقت والقدرة على استعمال الطهور وعدم النوم والغفلة، والخلو من حيض ونفاس وهو خاص بالنساء.

وأشار إلى ذلك كله بقوله: (تجب): أي الصلاة بدخول الوقت (على مكلف): وهو البالغ العاقل، الذي بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ولو كافراً. إذ الصحيح تكليفهم بفروع الشريعة كأصولها،

ــ

قوله: [وشرط الشيء] إلخ: أي في اصطلاح الفقهاء، ولا مشاحة في الاصطلاح.

قوله: [وجود ولا عدم]: أي لذاته، وقد وضحه بقوله [فإن كان] إلخ.

قوله: [ولا يلزم من وجوده]: أي بالنظر لذاته.

قوله: [لاحتمال وجود مانع]: علة لنفي اللزوم.

قوله: [عند انتفاء المانع]: المراد به الجنس فيشمل جميع الموانع.

قوله: [وتوفر الأسباب]: المراد بها ما يشمل الشروط.

قوله: [كدخول الوقت]: مثال للسبب، ومثال الشرط كوجود أحد الطهورين.

قوله: [لجواز انتفاء شرط آخر]: مراده ما يشمل السبب.

قوله: [وتوفرت الأسباب]: مراده ما يشمل الشروط أيضاً كما تقدم.

قوله: [بالنسبة للصلاة]: خصها لكونها الموضوع، وإلا فهو شرط وجوب وصحة أغلب العبادات.

قوله: [وعدم الإكراه] إلخ: والإكراه يكون بما يأتي في الطلاق من خوف مؤلم من قتل أو ضرب أو سجن أو قيد أو صفع لذي مروءة، إذ هذا الإكراه هو المعتبر في العبادات، كذا في (بن) نقلاً عن الرماصي. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [والتحقيق] إلخ: رد بهذا التحقيق على (عب) و (ح) قال (بن): وفي عد عدم الإكراه شرطاً في الوجوب نظر إذ لا يتأتى الإكراه على جميع أفعال الصلاة، وقد نقل (ح) نفسه أول فصل يجب بفرض عن أبي الحسن القباب، وسلمه أن من أكره على ترك الصلاة سقط عنه ما لم يقدر، على الإتيان به من قيام أو ركوع أو سجود، ويفعل ما يقدر عليه من إحرام وقراءة وإيماء كما يفعل المريض ما يقدر عليه، ويسقط عنه ما سواه اهـ. فالإكراه بمنزلة المرض المسقط لبعض أركانها ولا يسقط به وجوبها. اهـ. كلامه قاله في حاشية الأصل.

قوله: [كما يأتي]: أي في مسألة من لم يقدر إلا على نية، قال في الحاشية: إن الشرطية باعتبار الهيئة الخارجية وهذا لا ينافي وجوبها عليه بالنية، فاندفع الاعتراض عمن عده شرطاً.

قوله: [والإسلام]: أي بناء على المعتمد من أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وأما على مقابله من أنهم غير مخاطبين بها فهو شرط وجوب وصحة معاً. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [والعقل]: اعلم أن كونه شرطاً لهما حيث ضم له البلوغ، فإن لم يضم له فلا يكون شرطاً في الوجوب كذا قيل، وفيه نظر. فإن عدم الوجوب لازم لعدم العقل كان البلوغ موجوداً أم لا، وهذا القدر كاف في تحقق شرطيته؛ لأن الشرط ما يلزم من عدمه عدم المشروط. .اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [ودخول الوقت]: الحق أن دخول الوقت سبب في الوجوب وشرط في الصحة، لصدق تعريف السبب بالنسبة للوجوب عليه.

قوله: [على استعمال الطهور]: أي ماء أو تراباً.

قوله: [وهو خاص بالنساء]: أي وما عداه عام في الرجال والنساء.

قوله: [بدخول الوقت]: أي بسبب دخوله لما تقدم أنه سبب في الوجوب وشرط في الصحة.

قوله: [كأصولها]: أي وهو العقائد فمكلفون بها إجماعاً، فمن أنكر تكليفهم بها كفر بخلاف الفروع، ففي تكليفهم بها خلاف، والصحيح تكليفهم، كما قال الشارح، ويترتب على تكليفهم بالفروع تعذيبهم على تركها زيادة على عذاب الكفر، ويشهد له قوله تعالى: {ما سلككم في سقر* قالوا لم نك من المصلين} [المدثر: ٤٢ - ٤٣] الآيات.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>