للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتكليف: طلب ما فيه كلفة، والطلب يشمل الجازم وغيره فعلاً أو تركاً؛ فالمندوب والمكروه مكلف بهما. وقيل: إلزام ما فيه كلفة. والإلزام: الطلب الجازم فعلاً أو تركاً. فالمندوب والمكروه غير مكلف بهما كالمباح اتفاقاً. والكلفة. المشقة ولا تكليف إلا بفعل وهو في النهي: الترك؛ أي كف النفس عن المنهي عنه. فشمل قولنا: مكلف ثلاثة شروط: البلوغ، والعقل، وبلوغ الدعوة.

(متمكن): شرعاً وعادة (من طهارة الحدث): خرج الحائض والنفساء لعدم تمكنهما منها شرعاً فلا تجب عليهما. وخرج فاقد الطهرين أو القدرة على استعمالهما كالمكره والمربوط، فلا تجب عليه ولا يقضيها إن تمكن بعد خروج الوقت على المشهور كما تقدم لعدم التمكن من الطهارة عادة. وقيل: تجب عليه فيؤديها ولا يقضي ولا وجه له. وقيل: بل يقضي ولا يؤديها كالنائم. ورد بوجود الفرق بينهما؛ فإن النائم والناسي عندهما نوع تفريط بخلاف غيرهما، وأيضاً عذرهما يزول بأدنى تنبيه بخلاف غيرهما. ولذا طلب الشارع منهما القضاء استدراكاً لما فاتهما وأبقى ما عداهما على الأصل. ففاقد الطهرين لا تجب عليه ولا تصح منه كالحائض والمجنون. وقيل: يؤدي ويقضي احتياطاً ولا نظير له يقاس عليه. فالحق ما قاله مالك.

(غير نائم ولا غافل): بالجر؛ نعت ثالث. فخرج النائم والغافل أي الناسي كما عبر به في حديث: «رفع القلم عن ثلاث» إلخ فلا تجب عليهما حتى يستيقظا. وإنما ذكر هذا مع دخوله فيما قبله، إذ النائم والغافل غير متمكنين من طهارة الحدث عادة لأنهما لما كان يجب عليهما القضاء دون غيرهما كانا كأنهما قسم مستقل، ولدفع توهم عدم الدخول. ولما قدم أنها إنما تجب على المكلف المتصف بما ذكر وكان من جملة غير المكلف الصبي فيتوهم أنه لا يؤمر بها بحال، نبه على أنه وإن لم تجب عليه يؤمر بها ندباً فقال: (وأمر صبي): ذكراً أو أنثى (بها) أي بالصلاة (لسبع): أي عند دخوله في العام السابع، ولا يضرب إن لم يمتثل بالقول. (وضرب عليها): أي لأجلها (لعشر): أي لدخوله في العاشر ضرباً غير مبرح. والآمر له بها والضارب وليه.

ــ

قوله: [والتكليف طلب] إلخ: شروع في مسألة أصولية اختلف فيها على قولين.

قوله: [الجازم]: أي وهو الواجب والحرام. وقوله [وغيره] أي وهو المندوب والمكروه.

قوله: [فعلاً أو تركاً]: راجع للجازم وغيره.

قوله: [فالمندوب والمكروه] إلخ: أي على هذا القول فيكون الصبي المميز مكلفاً لتعلق الأمر الغير الجازم به، وعلى هذا القول فقولهم المكلف هو البالغ العاقل أي الذي تعلقت به الأوامر والنواهي الجازمة وغير الجازمة، فالحصر إضافي.

قوله: [غير مكلف بهما]: أي فالصبي المميز غير مكلف، فقولهم المكلف هو البالغ العاقل حصر حقيقي.

قوله: [ولا تكليف إلا بفعل]: أي كما قال في جمع الجوامع: مسألة لا تكليف إلا بفعل اختياري.

قوله: [وهو في النهي الترك]: أي فالمراد بفعل ما يشمل الجسماني والنفساني كترك المحرم والمكروه والاعتقادات، فإنها أفعال نفسانية.

قوله: [فشمل قولنا] إلخ: تفريع على قوله: وهو البالغ العاقل إلخ.

قوله: [فلا تجب عليهما]: أي ولا تصح، لما تقدم له أن الخلو من الحيض والنفاس شرط فيهما.

قوله: [فلا تجب عليه]: أي ولا تصح، لما تقدم له أيضاً.

قوله: [بعد خروج الوقت]: تنازعه كل من تمكن ولا يقضيها.

قوله: [على المشهور]: أي الذي هو قول مالك.

قوله: [عادة]: وقد يكون عدم التمكن من الطهارة شرعياً؛ كخوف ضياع المال.

قوله: [فيؤديها] إلخ: هو لأشهب

قوله: [بل يقضي] إلخ: هو لأصبغ.

قوله: [ففاقد الطهرين] إلخ: تفريع على قوله [وأبقى ما عداهما] إلخ.

قوله: [وقيل يؤدي ويقضي] إلخ: هو لابن القاسم وقد تقدمت هذه الأقوال الأربعة وزيادة نظماً ونثراً.

قوله: [فلا تجب عليهما]: أي ولا تصح.

قوله: [عدم الدخول]: أي في حكم غير المتمكن.

قوله: [وكان من جملة] إلخ: أي لأنه إما غير مكلف أصلاً، بناء على أن التكليف إلزام ما فيه كلفة، أو غير مكلف بالأمر الجازم فعلاً أو تركاً، بناء على أن التكليف طلب ما فيه كلفة.

قوله: [وأمر صبي]: هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع». أي فالأمر المذكور لهم على لسان الولي، فكل منهما مأمور من جهة الشارع، لكن الولي مأمور بالأمر بها، والصبي مأمور بفعلها، وهذا بناء على أن الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء. وعلى هذا، فالتكليف طلب ما فيه كلفة لتكليف الصبي بالمندوبات والمكروهات، والبلوغ إنما شرط في التكليف بالواجبات والمحرمات، وهذا هو المعتمد عندنا. ويترتب على تكليفه بالمندوبات والمكروهات أنه يثاب على الصلاة. وأما على القول بأن الأمر بالأمر بالشيء ليس أمراً بذلك الشيء المبني على أن التكليف إلزام ما فيه كلفة، فالولي مأمور من جهة الشارع فيؤجر دون الصبي فإنه مأمور من جهة الولي لأجل تدريبه فلا يكون مكلفاً بالمندوبات ولا بالمكروهات، ولا ثواب له ولا عقاب عليه، والثواب عليها لأبويه. قيل: على السواء، وقيل: ثلثاه للأم وثلثه للأب.

قوله: [عند دخوله]: أي وهو سن الإثغار: أي عند نزع الأسنان لإنباتها.

قوله: [ولا يضرب]: أي يحرم ضربه ولو ظن الإفادة.

قوله: [غير مبرح]: هو الذي لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة

<<  <  ج: ص:  >  >>