للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لابني عم عبد الله بن سهل» حيث وجد مقتولاً بخيبر، لأن خيبر مكان لا يخالط اليهود فيها غيرهم.

(أو) وجد مقتولاً (بدارهم): لجواز أن يكون قتله غير أهل القرية والدار ورماه عندهم حيث كان يخالطهم غيرهم في الدار أيضاً.

(وإن انفصلت بغاة): أي جماعة من المسلمين بغى بعضهم على بعض، لعداوة بينهم، وإن كانوا تحت طاعة الإمام (عن قتلى) متعلق بانفصلت (ولم يعلم القاتل) فقال مالك في المدونة: لا قسامة ولا قود ودمهم هدر قال المقتول: قتلني فلان أم لا، قام له شاهد من البغاة أم لا. إذ لو قام شاهد من غيرهم لكان لوثاً قطعاً. وقال ابن القاسم تفسيراً لقول الإمام في العتبية: "لا قسامة ولا قود": إن تجرد القتل عن تدمية وعن شاهد. أما لو قال: دمي عند فلان، أو شهد بالقتل شاهد من البغاة فالقسامة والقود، وهو الذي جرى عليه المصنف لكونه المفتى به، بقوله: (فالقسامة والقود بتدمية أو شاهد) ولم يجعلوا هذا من التمالؤ لاحتمال أن موته من فعله أو فرقته. وقال بعض الأشياخ مؤولاً للمدونة "لا قسامة": إن تجرد قوله عن شاهد بل بمجرد قوله: قتلني فلان، وعليه لو قام شاهد بمعاينة القتل من الطائفتين لكان لوثاً يوجب القسامة والقود. وقوله: "ولم يعلم القاتل" أما لو شهدت عليه بينة لعمل بمقتضاها.

(وإن تأولوا): أي البغاة: أي قامت شبهة لكل طائفة تقتضي جواز المقاتلة (فهدر) أي فالمقتول من كل طائفة هدر؛ فلو تأولت إحدى الطائفتين ففي، مقتولها القصاص وفي الأخرى هدر؛ لأن المتأولة دافعة الظالمة عن نفسها، كما أشار له بقوله: (كزاحفة): متعدية غير متأولة بل ظلماً (على دافعة).

ولما قدم سبب القسامة ذكر تفسيرها بقوله: (وهي): أي القسامة المتقدم ذكرها (خمسون يميناً): على ما رجحه المصنف تبعا للأصل يحلفها البالغ العاقل (متوالية) بدون تفريق بزمان أو مكان وقد تبع المصنف الأصل التابع لابن الحاجب وابن شاس، قال شيخنا في المجموع: ولم أذكر قيد التوالي لقول البناني عن ابن مرزوق: لم أره لغيرهما.

(بتاً) أي يحلفون على البت والجزم، فلا يكفي: لا نعلم غيره قتله، بل يقولون: والله الذي لا إله غيره لمن ضربه مات أو: لقد قتله، واعتمد البات على ظن قوي.

(وإن) كان اليمين (من أعمى أو) من (غائب) حال القتل إذ قد يحصل لهما العلم بالخبر كما يحصل بالمعاينة (وجبرت اليمين) إذا وزعت على عدد وحصل كسران أو أكثر

ــ

قوله: [لابني عم عبد الله]: وهما حويصة ومحيصة بتشديد الياء مصغراً فيهما. فعن سهل بن حثمة قال: «انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً فدفنه، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال: كبر كبر وهو أحدث القوم فسكت فتكلما فقال: أتحلفون وتستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم؟ قالوا: كيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: فستبرئكم يهود خمسين يميناً منهم قالوا: وكيف نأخذ بأيمان قوم كفار؟ فعقله النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده، وفي رواية: بمائة بعير من إبل الصدقة».

قوله: [وإن كانوا تحت طاعة الإمام]: أي هذا إذا كانوا خارجين عن طاعة الإمام وهم البغاة بالمعنى الآتي، بل وإن كانوا تحت طاعته ولا يسمون بغاة بالمعنى المصطلح عليه عند الفقهاء.

قوله: [عن قتلى]: جمع قتيل. .

قوله: [ودمهم هدر]: نحوه في (عب) والخرشي، ونقله بعضهم عن أبي الحسن في شرح الرسالة ونقله (ر) عن الفاكهاني، واعترضه (ر) قائلا: لم أر من صرح به من أهل المذهب ممن يعتمد عليه، والذي حمل عليه عياض والأبي قول المدونة لا قسامة ولا قود في قتيل الصفين أن فيه الدية على الفئة متى نازعته وإن كان من غير الفئتين فديته عليهما لا أنه هدر كذا في (بن).

قوله: [وهو الذي جرى عليه المصنف]: أي لكونه قول ابن القاسم الذي رجع إليه كما صرح به ابن رشد.

قوله: [ولم يجعلوا هذا من التمالؤ]: أي بحيث يقتل الجمع بالواحد.

وقوله: [لاحتمال أن موته]: علة لعدم الجعل.

قوله: [من الطائفتين]: أي من إحداهما.

قوله: [وإن تأولوا] إلخ: أي كالوقائع بين الصحابة ومن ألحق بهم.

قوله: [متوالية]: أي في نفسها لأنه أرهب وأوقع في النفس، لكن في العمد يحلف هذا يميناً وهذا يميناً حتى تتم أيمانهم، ولا يحلف واحد جميع حظه قبل حظ أصحابه؛ لأن العمد إذا نكل فيه واحد بطل الدم، وإذا بطل بنكول واحد ذهبت أيمان غيره بلا فائدة، وأما في الخطأ فيحلف كل جميع ما ينوبه قبل لأن حلف أصحابه من نكل لا يبطل على أصحابه

قوله: [لم أره لغيرهما]: قد يقال لا يلزم من عدم رؤيته كونه ليس منصوصاً وأيضاً من حفظ حجة على من لم يحفظ.

قوله: [فلا يكفي لا نعلم غيره قتله]: أي فلا يكفي الحلف على نفي العلم.

قوله: [واعتمد البات]: جواب عن سؤال كيف يحلف على البت مع أنه قد يكون لا جزم عنده فأفاد أنه يكفي الاعتماد على الظن القوي وهو يؤخذ من قرائن الأحوال.

قوله: [إذ قد يحصل لهما العلم] إلخ: المناسب أن يقول لاعتماد كل على اللوث وحينئذ فلا فرق بين الأعمى والبصير وغيرهما.

قوله: [وجبرت اليمين]: هذا كالتخصيص لقوله "وهي خمسون يميناً" فمحل كونها خمسين يميناً إن لم يكن كسر وإلا زادت كما

<<  <  ج: ص:  >  >>