للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وحُسْن [تأخر] (١) {ذِكْرًا} أنه كالفاصلة في حُسْن المقطع، ولو تقدم لكان: فاذكروا الله ذكرا كذكركم آباءكم أو أشد، فكان اللفظ متكررا، وهم يجتنبون كثرة تكرار اللفظ، فلهذا المعنى وحُسْن المقطع تأخر.

لا يقال في الوجه الأول: إنه يلزم فيه الفصل بين حرف العطف وهو: {أَوْ}، وبين المعطوف الذي هو: {ذِكْرًا}: بالحال الذي هو: {أَشَدَّ}، وهو غير ظرف ولا مجرور ولا قسم؛ لأن الحال شبية بالظرف، فيجوز فيها ما جاز فيه.

وهذا أولى من جعل: {ذِكْرًا} تمييزا، لما في الأوجه السابقة من الضعف، فينبغي أن يُنَزَّه القرآن عنها." (٢) انتهى كلام أبي حيان، وهو نفيس جدا، ولو لم يكن في الكتاب إلا تحرير مثل هذا الموضع لكان جديرا بأن يهتم بتحصيله (٣).

وفي أمالي ابن الحاجب (٤): " قول الزمخشري: " إنه معطوف على الضمير المجرور فيه." العطف عليه من غير إعادة الجار، وذلك لا يجوز عنده (٥)، ورَدَّ قراءة حمزة (٦)


(١) في ب: تأخير.
(٢) البحر المحيط (٢/ ٣٠٧ _ ٣٠٩).
(٣) قال الإمام محي الدين درويش في " إعراب القرآن وبيانه " (١/ ٢٩٨ - ٢٩٩): " {أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} هذا العطف مما يشكل على المُعرِب، وفيه أقوال يضيع الطالب في متاهاتها. ولما كانت الأقوال التي أوردها النحاة والمفسرون متساوية الرجحان رأينا تلخيصها على وجه مبسط قريب: [وذكر ملَخَصا للأقوال، ثم ذكر تضعيف الإمام أبي حيان لها والقول الذي ارتضاه، ثم اختار هذا القول الإمامُ محي الدين قائلا: ]
قلنا: ولعله أقرب الى المنطق وأدناه الى الفهم، وقد اكتفى به بعض المفسرين المتأخرين في حواشيهم المطوّلة." أهـ
(٤) ابن الحاجب: هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، أبو عمر جمال الدين ابن الحاجب، المتوفى: ٦٤٦ هـ، فقيه مالكي، من كبار علماء العربية، كردي الأصل إلا أنه ولد وتوفي بمصر، وكان أبوه حاجبا فعرف بابن الحاجب، له تصانيف كثيرة منها: (الكافية) في النحو، (الشافية) في الصرف، (الأمالي النحوية)، (المقصد الجليل) قصيدة في العروض، (الإيضاح في شرح المفصل للزمخشري). ينظر: سير أعلام النبلاء (٢٣/ ٢٦٤)، الوافي بالوفيات (٩/ ٣٢١)، شذرات الذهب (٧/ ٤٠٥).
(٥) أي: عند الإمام الزمخشري.
(٦) حمزة: هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل التيمي، الزيات، أبو عمارة الكوفي، المتوفي: ١٥٦ هـ، كان من موالي التيم فنسب إليهم. وكان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، ويجلب الجبن والجوز إلى الكوفة. أحد القراء السبعة. ولد سنة ثمانين، وأدرك الصحابة بالسن فلعله رأى بعضهم، وقرأ القرآن عرضا على الأعمش، ومنصور وأبي إسحاق، وجعفر الصادق وغيرهم. وتصدر للإقراء مدة، وقرأ عليه عدد كثير، منهم الكسائي وسليم بن عيسى، وعبد الرحمن بن أبي حماد، والحسن بن عطية، وخلق. ينظر: معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار (١/ ٦٦) [لشمس الدين بن قَايْماز الذهبي ت: ٧٤٨ هـ، دار الكتب العلمية، ط: الأولى ١٤١٧ هـ- ١٩٩٧ م]، غاية النهاية في طبقات القراء (١/ ٢٦١).

<<  <   >  >>