للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وسيأتي لهذا مزيد تفصيل في سورة الأنعام (١)." (٢) أهـ

كتب (ع): " (والمزين على الحقيقة إلخ): " والتزيين من الله: هو أن خلق الأشياء الحسنة، والمناظر العجيبة، فنظر الخلق إليها بأكثر من قدرها فأعجبتهم، وفتنوا بها."كذا في المعالم (٣).

ولا حاجة إليه؛ لما ذكره المصنف من قوله: (إذ لا شاء إلا هو فاعله)؛ لما ثبت في الكلام من إسناد جميع الممكنات إليه ابتداء، فالتزيين للكفار فعله - تعالى - ابتداء.

والقبيح: كسب القبيح لا خلقه (٤). " (٥) أهـ


(١) ينظر: حاشية الشهاب على البيضاوي (٤/ ٥٩ - ٦٠)، في تفسير قوله تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٤٣].
حيث فصل الكلام في ذلك، ثم قال ردا على من خَطَّأ الإمام البيضاوي (٤/ ٦٠):
" المُخَطِّئُ مُخطِئُ من وجوه:
أحدها: أنّ قوله: " المدرك بالحس " ليس بصواب؛ لأن تزيين الأعمال ليس مما يدرك بالحس، فلا وجه لتخصيصه به.
الثاني: أنّ قوله: " والمزين في الحقيقة هو الشيطان " إن أراد بالتزيين جعله مشتهى بالطبع، وخَلق ذلك فيه فباطل، وان أراد الوسوسة ونحوها فالقاضي لا ينكره، ألا تراه قال في قوله تعالى: {وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ} [الفتح: ١٢] الفاعل هو الله أو الشيطان.
وكذلك قوله: " التزيين صفة تقوم بالشيطان " فإنه يقال له: أيّ معانيه أردت؟ !
الثالث: أنّ ما ذكره من عدم الفرق، فكيف يخفى على مثله، وهو مقرر في الأصلين، وإنما قصد الردّ على الزمخشري حيث فسره بما زعمه هذا القائل بناء على مذهبه في خلق العباد أفعالهم لا كما توهمه."
(٢) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٧).
(٣) معالم التنزيل، للبغوي (١/ ٢٧٠).
(٤) الحاصل: أنه اتفق أهل السنة والمعتزلة على أن الله - تعالى - خالق للعباد ولأفعالهم الاضطرارية.
ولكنهم اختلفوا في أفعالهم الاختيارية، فالمعتزلة يقولون: إن العبد خالق لأفعاله بقدرة خلقها الله فيه.
وأما أهل السنة فهم على أن الله - سبحانه هو الخالق لهذه الأفعال أيضا، قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦]، فهذ الأفعال مقدورة بقدرة الله اختراعا وإيجادا وخلقا، وبقدرة العبد على وجه آخر هو الكسب، قال تعالى: {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٨١]. ويقولون: إن كَسْب الْقَبِيحِ هو القَبِيح المُوجِب لِاسْتِحْقَاقِ الذَّمِّ بِخِلَافِ خَلْقِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْخَالِقَ حَكِيمٌ لَا يَخْلُقُ شَيْئًا إِلَّا وَلَهُ عَاقِبَةٌ حَمِيدَةٌ، وَإِنْ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا، فَجَزَمْنَا بِأَنَّ مَا نَسْتَقْبِحُهُ مِنَ الْأَفْعَالِ قَدْ يَكُونُ لَهُ فِيهَا حِكَمٌ وَمَصَالِحُ كَمَا فِي خَلْقِ الْأَجْسَامِ الْخَبِيثَةِ الضَّارَّةِ الْمُؤْلِمَةِ، بِخِلَافِ الْكَاسِبِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ الْحَسَنَ وَقَدْ يَفْعَلُ الْقَبِيحَ، فَجَعَلْنَا كَسْبَهُ لِلْقَبِيحِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ قَبِيحًا سَفَهًا مُوجِبًا لِاسْتِحْقَاقِ الذَّمِّ وَالْعِقَابِ، وَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ الْعِبَادُ مِنْ طَاعَةٍ أو مَعْصِيَة، دَاخِلٌ تَحْتَ إِرَادَتة الله - تعالى - وَمَشِيئَتِهِ، فَاللَّهُ - تَعَالَى - خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ.
ينظر: لوامع الأنوار البهية (١/ ٢٩١) [لمحمد بن أحمد السفاريني ت: ١١٨٨ هـ، مؤسسة الخافقين - دمشق، ط: الثانية - ١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م]، تحفة المريد (٢/ ٧).
(٥) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤١ / أ - ب).

<<  <   >  >>