للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذا نص في أن (تشجيعا على الثبات) راجع لما ذكر أولا قبل {أَمْ حَسِبْتُمْ}، وعبارة (ق) تحتمله ونصها: " خاطب به النبي والمؤمنين بعد ما ذكر اختلاف الأمم على الأنبياء، بعد مجيء الآيات؛ تشجيعا لهم على الثبات مع مخالفتهم." (١) أهـ

فإن علق (تشجيعا) بـ (ذكر) طابق ما في (ك) (٢)، وإن علق بـ (خاطب) طابق ما في المفسر الصريح في تعلقه بـ (خوطب).

كتب (ع):

" (خاطب به إلخ) أسند الحسبان إلى النبي؛ إما لأنه كان لضيق صدره من شدائد المشركين نزل منزلة: من يحسب أن يدخل الجنة بدون تحمل المكاره، وإما على سبيل التغليب كما في: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} (٣). (٤)

وفيه بيان لوجه ربط: {أَمْ حَسِبْتُمْ} بما قبله، والوجه: الإضراب المستفاد من كلمة (أم)، مع إشارة إلى أن فيه تغيير أسلوب الغيبة إلى الخطاب، حيث كان الكلام السابق لتشجيع الرسول والمؤمنين على الثبات والصبر على أذى المشركين، فمن هذا الوجه كان الرسول مرادا، ولم يصرح (٥) بكونه التفاتا؛ لعدم سبق التعبير بالغيبة.

وتفصيله على ما ذكر الطيبي: " إن {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} (٦) كلام مشتمل بظاهره على ذكر الأمم السابقة والقرون الخالية، وعلى ذكر من بعث إليهم من الأنبياء، وما لقوا منهم من الشدائد بعد إظهار المعجزات؛ تشجيعا للرسول والمؤمنين على الثبات والصبر على أذى المشركين، فمن هذا الوجه كان الرسول وأصحابه مرادين بهذا الكلام غائبين، ويؤيده قوله: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} (٧).

إذا قيل بعد ذلك: {أَمْ حَسِبْتُمْ} كان نقلا من الغيبة إلى الخطاب.


(١) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٥).
(٢) العبارة السابقة للإمام الزمخشري صـ (٣١٣) من هذا الجزء من التحقيق.
(٣) سورة: الأعراف، الآية: ٨٨.
(٤) ينظر: روح المعاني (١/ ٤٩٨).
(٥) أي: الإمام البيضاوي في عبارته السابقة، أعلى هذه الصفحة.
(٦) سورة: البقرة، الآية: ٢١٣.
(٧) سورة: البقرة، الآية: ٢١٣.

<<  <   >  >>