أما المتصلة فهي: التي تقع بعد همزة التسوية نحو قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا} [إبراهيم: ٢١]، والتي تقع بعد همزة مغنية عن (أي) نحو: {ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ} [النازعات: ٢٧]. فإذا لم يتقدم على (أم) همزة التسوية ولا همزة مغنية عن (أي) فهي منقطعة، وتفيد الإضراب كـ (بل) كقوله تعالى: {لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} [السجدة: ٢ - ٣]، أي: بل يقولون افتراه. وأم المنقطعة تدل على الإضراب في كل مثال، وقد تدل - مع دلالتها على الإضراب- على الاستفهام الحقيقي، نحو قولهم: "إنها لإبلٌ أم شاءٌ"، أي: بل أهي شاء. أو الإنكاري، كقوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ} [الطور: ٣٩]، أي: أله البنات. وقد تُفيد الإضراب وحده، ولا تدل على الاستفهام أصلا، نحو: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد: ١٦]، أي: بل هل تستوي، إذ لا يدخل استفهام على استفهام. وأم المنقطعة لا تأتي للدلالة على الاستفهام وحده في مثال ما، خلافا لبعضهم كأبي عبيدة. ينظر: اللمحة في شرح الملحة (٢/ ٦٩٧)، أوضح المسالك (٣/ ٣٣١)، شرح ابن عقيل (٣/ ٢٢٩). (٢) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٨). ملخص آراء العلماء في «أم» في قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ}: " «أم» هذه فيها أربعةُ أقوالٍ: الأول: أنْ تكونَ منقطعةً فتتقدَّر بـ «بل» والهمزةِ. فـ «بل»: لإِضرابِ انتقالٍ من إخبارٍ إلى إخبارٍ، والهمزةُ: للتقريرِ، والتقديرُ: بل أحَسِبْتُم. [ينظر: الوسيط، للواحدي (١/ ٣١٧)، التبيان في إعراب القرآن (١/ ١٧١)، مدارك التنزيل (١/ ١٧٨)، التحرير والتنوير (٢/ ٣١٤).] والثاني: أنها لمجردِ الإِضرابِ من غير تقديرِ همزةٍ بعدها. [نسبه كثير من المفسرين إلى الإمام الزجاج، ولم أجده في معاني القرآن وإعرابه (١/ ٢٨٥).] والثالث: أنها بمعنى الهمزةِ، فعلى هذا يُبْتَدَأُ بها في أولِ الكلامِ. ولا تحتاجُ إلى الجملةِ قبلَها يُضْرَبُ عنها. [ينظر: معاني القرآن للفراء (١/ ١٣٢).] والرابع: أنها متصلةٌ، ولا يَسْتَقِيمُ ذلك إلا بتقديرِ جملةٍ محذوفةٍ قبلَها، فقدَّرَهُ بعضُهم: فَهَدَى اللَّهُ الذين آمنوا، فصَبَروا على استهزاءِ قومهم، أفتسلُكون سبيلَهم أم تحسَبون أن تدخلوا الجنة من غير سلوكِ سبيلهِم. ... [نقله الإمام الرازي عن القفال (٦/ ٣٧٨).] " أهـ ... الدر المصون (٢/ ٣٨٠). وقال الإمام أبو حيان في " البحر المحيط " (٢/ ٣٧٢): " وَالصَّحِيحُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ." (٣) تفسير الكشاف (١/ ٢٥٦).