للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: بَيانُ حالِ هَؤلاءِ المُكذِّبينَ وأنَّ سَببَ تَكذيبهِم أَنَّهم في شَكٍّ مِن لقاءِ اللهِ، ومَعلومٌ أَنَّ مَن كانَ في شَكٍّ مِن لِقاءِ اللهِ فَلن يَعمَلَ للهِ؛ ولهذا تَجِدونَ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقرِنُ دائمًا بَينَ الإيمانِ بِه واليومِ الآخرِ؛ لِأنَّ مَن نَقَصَ إيمانُه بِاليومِ الآخِر فَسوفَ يَنقُص عَملُه ومَن كَمُلَ إيمانُه بِاليومِ الآخرِ فَسوفَ يَكمُل عَمَلُه؛ لِأنَّه يَرجو أن يَكونَ سَعيدًا في ذَلكَ اليومِ، أَنت حينما تَركَعُ وتَسجُدُ اجعل عَلى بالِكَ أنَّ هَذا الرُّكوعَ والسُّجودَ سَوفَ يَنفعُكَ يَومَ القيامةِ، وهو يَنفَعُكَ مِنَ الآنِ؛ لِأنَّ الصَّلاةَ تَنهي عَنِ الفحشاءِ والمُنكرِ، لَكِنَّ الثَّمرةَ المَلموسَةَ يَومَ القيامَةِ الَّتي تَظهرُ لِكُلِّ أحدٍ، وفي الدُّنيا يَظهرُ لِلمُؤمِن الِانتِفاعُ التَّامُّ بِالطَّاعاتِ، كَما قالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: "ما يَفعلُ أَعدائي بي! إِنَّ جَنَّتي في صَدري، حَبسي خُلوةٌ ونَفيي سياحَةٌ وقَتلي شَهادَةٌ" (١) رَحِمَهُ اللهُ، فالإنسانُ المُؤمنُ يَجِدُ هَذا في نَفسهِ قَبلَ يَومِ القيامَةِ، وفي يَومِ القيامَةِ يَكونُ الظُّهورُ الكاملُ يَكشِفُ عَن كُلِّ شَيءٍ.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: بَيانُ إِحاطةِ اللهِ بِكلِّ شيءٍ: عِلمًا وقُدرةً، وسُلطانًا وتَدبيرًا، وغَيرِ ذَلكَ؛ محُيطٌ بِكلِّ شَيءٍ بِأفعالِهِ وأَفعالِ العِبادِ، قالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)} [الطلاق: ١٢].

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: تَحقيقُ مُراقبةِ اللهِ؛ لِأنَّك إِذا آمَنتَ أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيءٍ محُيطٌ فَسوفَ تُراقبُه المُراقبةَ التَّامَّةَ، بِحيثُ لا يَفتقدُكَ حَيثُ أَمَرَك، ولا يَراكَ حَيثُ نَهاكَ.

* * *


(١) انظر: الوابل الصيب (ص: ٤٨).

<<  <