للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيتان (١٣، ١٤)]

* * *

* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [فصلت: ١٣، ١٤].

* * *

قال المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَإِنْ أَعْرَضُوا} أيْ كُفَّارُ مَكَّةَ]، ومَعلُومٌ أنَّ الآيَةَ لمْ تَنُصَّ على كُفَّارِ مَكَّةَ، لكِنَّ السِّياقَ يدُلُّ على ذلِك، حيْثُ قال: {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [{فَإِنْ أَعْرَضُوا}، أي: كُفَّارُ مَكَّةَ عَن الإيْمانِ بعْد هَذا البَيانِ {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ} خَوَّفْتكم {صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ}، أيْ: عَذابًا يُهلِكُكم مِثْلَ الَّذي أهْلَكَهم].

قَولُه تَعالَى: {أَنْذَرْتُكُمْ} الإنْذارُ فَسَّره المُفسِّرُ بأَنَّه [التَّخوِيفُ]، وهُو كذَلِك، لِأنَّ المُنْذِرَ هُو مَن تَكلَّم بِكلامٍ يُخوِّفُ به غَيْرَه؛ ولِهَذا قِيل: إنَّ الإنْذارَ هُو الإعْلامُ المُتضَمِّنُ للتَّخوِيفِ.

وقَولُه: {صَاعِقَةً} الصَّاعِقةُ ما يَصْعَقُ المَرْءَ، أي: يُهلِكُه {مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ}. والمِثْلِيَّةُ هُنا لا تَقتَضي - واللهُ أعْلَمُ - المُماثَلةَ مِن كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ مِثْلِيَّة في أصْلِ الإِهْلاكِ، أو في مَآلِ العَذابِ، ويَحتَمِلُ أنَّ اللهَ تَعالَى أنْذَرَهم مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وثَمُودَ.

وصاعِقَةُ عادِ وثَمُودَ نَوعان، الرَّجْفَةُ، والرِّيحُ الشَّدِيدةُ، الَّذِين أُهلِكوا بالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ هُم عادٌ، والَّذِين أُهلِكوا بالرَّجْفَةِ والصَّيحَةِ هُم ثَمُودٌ، وإنَّما ذَكرَ اللهُ عادًا

<<  <   >  >>