بكَفَرَةِ الإنسِ أم شاملٌ لكَفَرَةِ الإنسِ والجِنِّ؟
فالجَوابُ: يَشملُ هذا وهذا؛ لأنَّ الجِنَّ يَدخلُ كافِرُهم النَّارَ بالإجماعِ.
وإِنْ قِيل: لماذا أتتِ الآيَةُ بصيغَةِ الماضي؟
فالجَوابُ: أنَّ هذا القَولُ لم يَحصُلْ لكنَّه على حِكايةِ الحالِ، أو يُقالُ: إنَّه لمَّا تَحقَّقَ وُقوعُه صار بمَنزِلةِ الماضي كقَولِه تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}[النحل: ١]، فإنَّ أمْرَ اللهِ لم يأتِ بَعدُ بدليلِ قولِهِ:{فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}.
فإِنْ قال قائلٌ: ألا يُمكنُ أن يُقالَ: إنَّ قَولَ الكافِرينَ: {أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا} كذلك في النَّارِ بدَليلٍ قولهِم بعدَ ذلك: {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا}؟
فالجَوابُ: لا يدُلُّ عليه؛ لأنَّه يُمكنُ أن يَجعَلونهم تَحتَ أقدامِهم وهم في عَرَصاتِ القِيامَةِ لا يَلزَمُ أن يَكونَ هذا في النَّارِ.
فإِنْ قال قائلٌ: قَولهُم: {رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ} أليس فيه إقرار بالأُلوهِيَّةِ وتَوحيدِ العِبادَةِ؟
فالجَوابُ: لا، دُعاءُ اللهِ تعالَى يَكونُ بالدُّنيا لكنَّهم يَدعونَ اللهَ تعالَى بالضَّرَّاءِ ويَنسونَه في السَّرَّاءِ، وهُناكَ أيضًا في الآخِرَةِ رُبَّما يُقِرُّونَ بأنَّه حقٌّ، لا إِلَهَ إلَّا اللهُ، لكن لا يَنفَعُهم هذا الإِقْرارُ.