للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} {مَا} نافيةٌ و {مِنَّا} جارٌّ ومَجرورٌ خَبرٌ مُقدَّمٌ و {مِنْ} حَرْفُ جَرٍّ زائدٌ إِعْرابًا، وَ {شَهِيدٍ} مُبتدأٌ مَرفوعٌ بِضمَّةٍ مُقدَّرةٍ عَلى آخِرِه مَنعَ مِن ظُهورِها اشْتغالُ المحلِّ بِحركَةِ حَرفِ الجرِّ الزَّائدِ.

يَعني: أَنَّنا قَد أَقْرَرنا بِأنَّه لا أَحَدَ مِنَّا يَشهدُ بِأنَّ لَكَ شريكًا، وهم يَقولون هَذا الآنَ لَكنَّه لا يَنْفعُهم؛ لِأنَّه إِقرارٌ بَعدَ مُعاينةِ العَذابِ، وَالإقْرارُ بَعدَ مُعاينةِ العَذابِ لَيس بِنافِعٍ؛ ولهِذا أَقَرَّ فِرعَونُ حينَ أُغْرِقَ بِأنَّه: {لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}، ولكنَّه لَمْ يَنفَعْه فَقيلَ: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٩١].

مِن فَوائِدِ الآيَةِ الكرِيمَةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: أَنَّ عِلمَ السَّاعةِ عندَ اللهِ وحدَه يُؤخَذُ مِن قَولِه تَعالَى: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}؛ لِأنَّهُ قَدَّمَ ما حَقُّه التَّأخيرُ وَهو المَعمولُ، وهَذا يُفيدُ الحَصرَ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ مَنِ ادَّعى عِلْمَ السَّاعةِ فَهو كافرٌ؛ لأنَّه مُكذِّبٌ للهِ ورَسولِه - وتَكذيبُ اللهِ ورَسولِه مِنْ أَسبابِ الرِّدَّةِ؛ لأنَّ الرِّدَّةَ تَدورُ على شَيئين: إِمَّا تَكْذيبٌ وَإِمَّا استكبارٌ، فَكُلُّ رِدَّةٍ يَحكُم العُلماءُ بِها فإنَّها لا تَخرجُ عَنْ هَذَينِ الأَمرينِ: إِمَّا التَّكذيبُ، وإِمَّا الِاستكبارُ - وَمَنْ صَدَّقَه فَهو كافرٌ أيضًا؛ لِأنَّه صَدَّق ما هو تَكْذيبٌ لِلقُرآنِ الكريمِ، ومَنْ صَدَّقَ ما هو تكذيبٌ لِلقُرآنِ الكَريمِ فإنَّه كافرٌ بِلا شَكٍّ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: عُمومُ عِلْمِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِقولِه: {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} إلى آخرِه.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: تَوبيخُ الكُفَّارِ يَومَ القيامةِ؛ لِقولِه تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي}، وَهذا هو التَّوبيخُ في ذَلكَ المَكانِ مِن أَعْظمِ ما يَكونُ مِنَ التَّوبيخِ؛ لِأنَّه

<<  <   >  >>