للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٧)]

* * *

* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فُصِّلَت: ٢٧].

* * *

{فَلَنُذِيقَنَّ}، الجُملَةُ هذه مُؤكَّدَةٌ بثَلاثَةِ مُؤَكِّداتٍ: القَسَمُ المُقَدَّرُ، ويَدُلُّنا على القَسَمِ تَوكيدُ الفِعلِ واللَّامُ أيضًا، والثَّاني: اللَّامُ، والثَّالثُ: النُّونُ.

{فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا} أي: لَنُعذِّبَنَّهم عَذابًا يَذوقونَ أَلمَه، وهو كِنايَةٌ عن شِدَّةِ هذا العَذابِ الَّذي يَصِلُ إلى مَذاقِهم حتَّى كأنَّه شَيءٌ مَحسوسٌ يَتَذَوَّقونَه بأَفواهِهم.

{فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}، المُرادُ بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا} مَن سَبَقَ، وهُم الَّذين قالوا: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ}، وحينَئذٍ قد يَقولُ قائل: لماذا لم يُضْمِرْ فيقول: "فلَنُذيقَنَّهم"، نَقولُ: هُنا إِظهارٌ في مَوضِعِ الإضمارِ، والإظهارُ في مَوضِعِ الإضْمارِ له فَوائِدُ:

الفائِدَةُ الأُولى: تَنبيهُ المُخاطَبِ؛ لأنَّه جَرَت العادَةُ أنَّ الكَلامَ إذا كان السِّياقُ يَقتَضي الإضمارَ، فإنَّه يَأتي الإِضْمارُ، فإذا جاء الإِظْهارُ صار هذا على خِلافِ العادَةِ، فَالعادَةُ أنَّ الكَلامَ إذا كان في سياقِ الإِضْمارِ، فإنَّ الَّذي يَأتي هو الإِضْمارُ، يَعني: الضَّميرُ، فإذا جاء الظَّاهِرُ مَوضِعَ الضَّميرِ فسوف يَتَوقَّفُ الإنسانُ، لماذا جاء الظَّاهرُ مَوضِعَ الضَّميرِ؟ فيكون في ذلك انتباهٌ له هذه فائدَةٌ.

<<  <   >  >>