[الآيتان (٥٣، ٥٤)]
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} [فصلت: ٥٣، ٥٤].
{سَنُرِيهِمْ} السِّينُ لِلتَّنفيسِ، وهي تُفيدُ القُربَ والتَّحقيقَ، و (سوف) لِلتَّسويفِ وَهي تُفيدُ التَّحقيقَ مع البُعدِ؛ ولذلكَ يَجِبُ أن نُفرِّقَ بَينَ سَوفَ والسِّين، إِذا كان الشَّيءُ سَيكونُ قَريبًا فَقُل: سَيكونُ، وإِذا كانَ بَعيدًا فَقُل: سوفَ يَكونُ، ولِهذا تَجِدونَ قَولَ اللهِ تَعالَى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)} [التكاثر: ٣، ٤]؛ لأنَّه لَم يأتِ بَعدُ وهو بَعيدٌ بِالنِّسبةِ لِكونِه في الدُّنيا.
{سَنُرِيهِمْ} يَعني: عَن قُربِ قِراءَةٍ مُتحقِّقةٍ: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ} أي: نُظهِرُها لَهم حتَّى يَرَونَها بِأَعيُنهم أو حتَّى يَرَونَها بِبَصائرِهم.
{آيَاتِنَا} الآياتُ جَمعُ آيَةٍ وهي في اللُّغةِ العَلامَةُ، والمُرادُ بِآياتِ اللهِ عَلاماتُه الدَّالَّةُ عَلى كمالِ عِلمهِ وحِكمتِه وقُدرتِه وغَيرِ ذَلكَ مِن مُقتضياتِ رُبوبيَّتِه، واعلَم أَنَّ الآياتِ نَوعانِ:
١ - آياتٌ شَرعيةٌ وَهي ما جاءت بِهِ الرُّسلُ ومنها هَذا القُرآنُ الكَريمُ.
٢ - وَآياتٌ كَونيَّةٌ: وَهي الدَّالَّةُ عَلي كَمالِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى في العِلمِ والخَلْقِ وكُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute