للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُلُّ حَرفٍ حَدَثَ بَعدَ الحَرفِ الَّذي قَبلَه، لكن لِعُقولهِم السَّخيفَةِ ظَنَّوا أنَّ مَن يَقومُ بِالحادثِ فَهو حادثٌ، وهَذا خَطأٌ، ولَكن لا نُكفِّرهم في هَذا، ولَو أنَّ إِنسانًا تَبيَّن لَهُ الحقُّ وقالَ: إِنَّه لا يُريدُ الحقَّ وإنَّما يَتَّبعُ هَواه فَقَد يكفر.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ الكُفرَ بَعدَ التَّبيُّنِ أَشدُّ قُبحًا مِنَ الكُفرِ مع الجَهلِ بِدَليلِ قولِهِ: {ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ}، فإِنَّ {ثُمَّ} تَدُلُّ على التَّرتيبِ والتَّراخي وأنَّ كُفرَهُم كان بَعدَ أَن تَبيَّنَ الأمرُ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّه لا أَحَدَ أَضَلُّ مِمَّن شاقَّ اللهَ ورَسولَه حَيثُ إِنَّه في شِقاقٍ بَعيدٍ لِقولِه تَعالَى: {مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: بَلاغَةُ القُرآنِ التَّامَّةُ حيثُ يَختارُ في كُلِّ تَركيبٍ ما يُناسبُ الحالَ؛ لِقولِه تَعالَى: {مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: وُقوعُ الِاستِفهامِ مَوقعَ النَّفيِ وأنَّ إيقاعَ الِاستِفهامِ مَوقِعَ النَّفيِ أُسلوبٌ عَربيٌّ صَحيحٌ، وفائدتُه أَنَّه إِذا كانَ بصيغَةِ الِاستِفهامِ كانَ مُشربًا بِالتَّحدِّي، فَقولُه: {مَنْ أَضَلُّ} أَبلغُ مِن قولِه: لا أَضَلَّ.

* * *

<<  <   >  >>