للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيتان (٤١، ٤٢)]

* قالَ اللهُ -عزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤١ - ٤٢].

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ} هَذِه جُملةٌ مُؤكَّدةٌ بإِنَّ، يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{بِالذِّكْرِ} القرَآنُ] الكَريمُ كَما قال اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنبياء: ٥٠]، وقال تَعالَى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: ٤٤]، وسُمِّيَ القرآنُ ذِكرًا؛ لأنَّه يُذكِّرُ صاحبَه بما للمُتَّقينَ مِن خَيرٍ وَما للطَّاغينَ مِن شرٍّ، ولأَنَّه ذِكْرٌ لِصاحبِه أَيْ: يَرفعُ اللهُ به ذِكْرَ مَنْ تَمسَّكَ به، ولِهَذا قالَ: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}، ولأنَّه يُذكًّرُ الإنسانَ بِرَبِّه، فَإنَّ أَقربَ النَّاسِ أو مِن أَقربِ النَّاسِ إِلَى اللهِ مَنْ تَلا كِتابَه، ولهِذا نَقولُ: إِنَّ تِلاوةَ الكتابِ أَفضلُ الذِّكرِ المُطلَقِ، وأمَّا الأذكارُ المُعيَّنةُ المُقيَّدةُ بشيءٍ مُعيَّنٍ، فهذه تَبَعٌ لمِا قُيِّدَتْ بِهِ.

وقولُه: {لَمَّا جَاءَهُمْ} أي: حينَ جاءَهم.

واعْلَمْ أنَّ (لمَّا) تَأْتي في اللُّغةِ العربيَّةِ لعِدَّةِ أَوجُهٍ:

١ - منها أَنْ تَكونَ ظَرفًا كَما في هَذهِ الآيَةِ، فَمعنى: {لَمَّا جَاءَهُمْ} أَيْ: حينَ جاءَهم.

٢ - وَمِنها أَنْ تَأتيَ نَافيةً جَازمةً، لِكنَّها لِتُوقعَ ما بَعدَها، كَقَولهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

<<  <   >  >>