للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٤)]

* قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: ٤٤].

* * *

{جَعَلْنَاهُ} الضَّميرُ يَعودُ عَلى القُرآنِ، يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [أي الذِّكرُ] وإنَّما قَالَ الذِّكْرُ؛ لأَنَّه سَبقَ ذِكرُه قَريبًا في قَولِه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ}. والمَعْنى مُتَّفَقٌ عَليه: أنَّ الضَّميرَ في الهاءِ في {جَعَلْنَاهُ} يَعودُ إِلَى القُرآنِ.

{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا} أي: بِلُغةِ العَجَمِ وهو قَدْ نَزلَ عَلى العَربِ: {لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} {لَقَالُوا} أَي: المُكذِّبونَ لِلرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم -.

يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [{لَوْلَا} هَلَّا {فُصِّلَتْ} بَيَّنتَ {آيَاتُهُ} حتَّى نَفهمَها]، ولكنَّ الله تَعالَى قَد قَطَعَ عَليهِمُ الحُجَّةَ، فقالَ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: ٣]، وقالَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: ٢].

وقَولُه: {لَوْلَا} بمَعْنى هَلَّا أَفادَنا المفسِّر - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّ لَولا تَأتي لِلتَّحضيرِ وتَأْتي شَرطيَّةً، ويُقالُ في إِعرابِها حَرفُ امتِناعِ لِوُجودٍ.

وهُنَا تَتقاسَمُ هَذِه الحُروفُ لِلوُجودِ والعدَمِ، فَلَو حَرفُ امتِناعِ لِامتِناعِ، ولمَّا حَرفُ وُجودِ لِوُجودٍ، ولَولا حَرْفُ امتِناعِ لِوُجودِ، تَقولُ: لمَّا جاءَني أَكرَمتُه، هُنا

<<  <   >  >>