[الآيتان (١٥، ١٦)]
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت: ١٥، ١٦].
لمَّا ذَكَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أمْرَ النَّبيِّ عَلَيْهِ الْصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنْ يُنذِرَ قُريشا بِصاعِقةٍ مِثل صاعِقةِ عادٍ وثَمُودَ، بَيَّن ماذا كان مِن عادٍ، وماذا كان مِن ثَمُودَ، قال جَلَّ وَعَلَا: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}.
(أمَّا) أداةُ شَرْطٍ وتَفصِيلٍ؛ أمَّا كَونُها أداةَ شَرْطٍ؛ فَلأنَّ لها شَرْطًا وجَزاءً؛ {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا}، وأمَّا كَونُها أداةَ تَفصِيلٍ؛ فلأنَّها تَأتِي كذَلِك في التَّفصِيلِ؛ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: ٥، ٦]، {(٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} [الليل: ٨، ٩]. فَهِي إذَنْ حَرْفُ شَرْطٍ وتَفصِيلٍ.
قَولُه تَعالَى: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} اسْتكبَروا أيْ أصابَهم الكِبْرُ، وإنَّما أَنْتِ السِّينُ والتَّاءُ لِلمُبالَغةِ؛ أيْ: تَكبَّروا تَكبُّرًا عَظِيمًا.
وقَولُه: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} هَذه لَيْستْ صِفةً مُقيَّدةً، ولَكِنَّها صِفةٌ كاشِفةٌ؛ لأنَّ كُلَّ استِكْبارٍ في الأرْضِ فإنَّه بغَيْرِ الْحَقَّ، فالِاستِكبارُ لا يَنقَسِمُ إلَى قِسمَين، بل هُو قِسْمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute