للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هِدايَةُ التَّوفيقِ، يَعني على الاهْتِداءِ، استحبُّوا العَمَى الَّذي هو الكُفْرُ على الهُدَى الَّذي هو الإسلامُ.

قال اللهُ تعالى: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [فُصِّلَت: ١٧]، أَخَذَتْهم صاعِقَةُ العَذابِ يَعني عَذابَ الصَّاعقَةِ؛ لأنَّ ثَمودَ صِيحَ بهم ورُجِفَ بهم، فصُعِقوا هَلَكوا هَلَكَةَ رَجلٍ واحدٍ {فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: ٦٧] والعِياذُ باللهِ على رُكَبِهِمْ هامِدينَ.

وقولُهُ: {الْعَذَابِ الْهُونِ} أيِ العَذابُ [المُهينُ] لأنَّ الهونَ هو الإذلالُ.

وقولُهُ: {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (الباءُ) للسَّببيَّة، و (ما) إمَّا موصولَةٌ، وعليه فيَكونُ عائدُها محذوفًا، التَّقديرُ: بما كانوا يَكسِبونَهُ، وإمَّا أن تَكونَ مَصدريَّةً فلا تَحتاجُ إلى عائدٍ، ويَكونُ التَّقديرُ: بِكَسْبِهِمْ.

مِن فوائِدِ الآيَةِ الكريمَةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ اللهَ تعالَى أَبْلغَ رِسالاتِه كُلَّ أحدٍ ولم يَدَعْ أحدًا بلا هِدايةٍ دَلالَةً؛ لقولِهِ: {وَأَمَّا ثَمُودُ} وهذه الجُملةُ التَّفصيليَّةُ كما سبق في التَّفسيرِ معطوفةٌ عَلَى {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الهِدايةَ ليست مَقْصورَةً على هِدايةِ التَّوفيقِ، ولكنَّها تُطلَقُ على هِدايةِ الدَّلالَةِ والبَيانِ؛ لقولِهِ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} أي: دَلَّلناهُمْ على الحَقِّ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الرَّدُّ على الجَبرَّيةِ الَّذين قالوا: إنَّ الإنسانَ مُجْبَرٌ على عَملِهِ، يُؤخَذُ من قَولِ اللهِ تَعالَى: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى} لأنَّ استَحبُّوا تَدُلُّ على اخْتيارِهِمْ لهذا الشَّيءِ، وأنَّهمْ آثَروه على الهُدَى.

<<  <   >  >>