للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ من لم يَتَمَشَّ على هُدَى اللهِ فإنَّه أَعْمى، يُؤخَذُ من قول اللهِ تَعالَى: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى}، وإذا كانوا مُبْصرينَ بأَعينِهِمْ فهُمْ عُمْيُ البَصائِرِ، إذن نَأخُذُ من ذلك فائدةً، وهي أنَّ العَمى نَوعانِ: عَمَى بَصَرٍ وعَمَى بَصيرَةٍ، وأَشدُّهُما عَمَى البَصيرَةِ، فكم مِن إنسانٍ أَعْمى البَصَرِ، لكنَّه مُبْصِرُ البَصيرَةِ، وكم من إنسانٍ مُبْصِرِ البَصَرِ لكنَّه أَعْمى البَصيرَةِ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: تَعجيلُ العُقوبةِ لمَنْ آثَرَ العَمَى على الهُدَى، يُؤخَذُ مِن قولِه تَعالَى: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} أنَّ الفاءَ للتَّرتيبِ والتَّعقيبِ هذا وَجْهٌ، ووَجْهٌ آخَرَ أنَّ الفاءَ هنا للسَّببيَّةِ والمُسبَّبُ يَعْقُبُ السَّببَ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: التَّحذيرُ من إيثارِ العَمَى على الهُدَى، وأنَّ الإنسانَ إذا بُيِّنَ له الحقُّ، ولكنَّه عَمِيَ عنْه فإنَّه جَديرٌ بأن يُعاقِبَه اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لأنَّ اللهَ أَخْبرنا بأَخْذِهِمْ لنَحْذَرَ من ذلك، فأَخْبَرنا اللهُ تَعالى بعُقُوبتهمْ حينَ خالفوا لِنَحْذَرَ من ذلك، ودَليلُ ذلك قولُه تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: ١١١] هذا دَليلٌ، ودَليلٌ آخَرُ {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد: ١٠].

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ ثَمودَ أُهلِكوا بِصاعِقَةٍ أي بشيء صُعِقوا به، وهَلَكوا، وقد بَيَّنَ اللهُ في آيَةٍ أُخْرَى أنَّهم أَخَذَتْهمُ الرَّجفَةُ، فيَكونُ أُخِذوا بالرَّجفَةِ، حتَّى صُعِقوا وهَلَكوا.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أنَّ هؤلاءِ الَّذين غَرَّهم الْكِبْرُ أُهينوا وأُذِلُّوا، نَأْخُذُها مِن قولِه تَعالَى: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ} يَعني: عَذاب الذُّلِّ.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: إِثباتُ الأَسبابِ، لقولِه: {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} والباءُ هنا للسَّببيَّةِ.

<<  <   >  >>