للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥١)]

* * *

* قال اللهُ تَعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} [فصلت: ٥١].

* * *

قَولُه تَعالَى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ} يَعني: أَعْطيناهُ نِعمةً والنِّعمةُ تَدورُ على شَيئينِ: علي حُصولِ المَرغوبِ، وعلي النَّجاةِ مِنَ المَرهوبِ. فَمَنْ سَقطَ في بَحرٍ ثُمَّ هيَّأَ اللهُ له مَن يُنقذُه مِنَ الغَرَقِ فَتلكَ نِعمةٌ. وكَذلك أيضًا مَنْ رَزَقَه اللهُ مالًا وولدًا هَذه نِعمةٌ، فَالنِّعمَةُ إِمَّا انْدفاعُ نِقمةٍ، وإمَّا حُصولُ محَبوبٍ لِلإنسانِ.

يَقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{عَلَى الْإِنْسَانِ}] المُرادُ [الجنس] يَعني: ليس المُؤمنُ ولا الكافرُ، بَل هذا الوصفُ يكونُ مِنَ المُؤمنِ ويكونُ أيضًا مِنَ الكافرِ. يَعني: أَنَّ جِنسَ الإِنسانِ بالنَّظَر إِلي كَونِه إِنسانًا فقط هَذه حالُه، إِذا أَنعمنا علي إِنسانٍ أَعرضَ عَنِ الشُّكرِ، والشُّكرُ حَقيقةً هو طاعةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيكونُ بِالقَلبِ وبِاللِّسانِ وبِالجَوارحِ، ويَدُلُّ علي أنَّ الشُّكرَ هو طاعةُ اللهِ قَولُ النَّبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وعَلَى آلِه وسلَّم-: "إِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمنينَ بِما أَمَرَ بِه المُرسَلينَ، فَقال اللهُ تَعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: ٥١] وَقالَ لِلْمُؤمنينَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقرة: ١٧٢] " (١).


(١) أخرجه مسلم: كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، رقم (١٠١٥)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>