للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيتان (٢، ٣)]

* * *

* قال الله عَزَّ وَجلَّ: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت: ٢ - ٣].

* * *

قَولُه تَعالى: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} قالَ المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{تَنْزِيلٌ} مُبتدأٌ، و {كِتَابٌ} خبرُهُ]، وَلَوْ قِيلَ بِالْعكسِ -في غَير القُرآن- لَكانَ أوضحَ، لو قِيلَ: كِتابٌ فُصِّلتْ آياتُهُ تنْزيلٌ مِنَ الرَّحمنِ الرَّحيمِ؛ لأنهُ يُخبرُ بالمعنى عنِ الذَّاتِ، ولا يُخبِرُ بالذاتِ عنِ المعنَى؛ وهذا هو الأصلُ، فتقولُ: زيدٌ قائمٌ، قائمٌ خبرٌ، ولا تَقُلْ: زيدٌ خبَرٌ، لكنْ ما ذهبَ إلَيهِ المُفسِّر من الإعْراب له وجْهٌ، فليسَ باطِلًا، لكنْ لو قِيلَ: إنَّ {تَنْزِيلٌ} هوَ خبرُ مقدَّمٌ و {كِتَابٌ} مُبتَدأٌ مُؤخرٌ لكانَ أوْضحَ وأبْينَ.

وقوله: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يَعني به الرَّبَّ عَزَّ وَجلَّ أيْ تنزيلٌ منَ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، لكنَّه أَتى بهذَيْنِ الِاسمَينِ الكَريمَينِ إشارةً إلى أنَّ القُرآنَ رحمةٌ؛ لأنَّ إنزالَه منْ مُقتَضى رحمةِ اللهِ عَزَّ وَجلَّ أليسَ منَ الممكنِ أنْ يُقالَ: تنزيلٌ منَ اللهِ؟ بلَى، كما جاءَ في آياتٍ أخرى، لكنَّه قالَ: {مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، إشارةً إلى أنَّ هذا القرآنَ نزلَ بمُقتَضى رَحمةِ اللهِ عَزَّ وجلَّ وأنَّ اللهَ رحِمَ بهِ العِبادَ.

والرَّحمنُ الرَّحيمُ: اسمانِ منْ أسْماءِ اللهِ، منْ أشرفِ أسماءِ اللهِ عَزَّ وَجلَّ ويأتيانِ

<<  <   >  >>