[الآية (٤٧)]
* قال اللهُ تَعالَى: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} [فصلت: ٤٧].
* * *
قوله: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} {إِلَيْهِ} أي: إِلَى اللهِ وَحدَهُ، وإِنَّما قُلنا: وَحْدَهُ لِتقديمِ المَعمولِ، وتَقديمُ المَعمولِ يُفيدُ الحَصرَ، وذَلكَ أَنَّ المعمولَ مكانُه أَنْ يَكونَ بَعدَ العامِلِ، فَإذا تَقدَّمَ فَإنَّه يَكونُ مِن بابِ تَقديمِ ما حَقُّه التَّأخيرُ، وَالقاعدةُ اللُّغويَّةُ البلاغيَّةُ: أنَّ تَقديمَ ما حَقُّه التَّأخيرُ يُفيدُ الحَصرَ، وعلى هَذا فقَولُه: {إِلَيْهِ يُرَدُّ} المعنَى: إِليه لا إِلى غَيرِه، وأَخَذنا النَّفيَ - لا إِلى غَيرِه - مِن تَقديمِ المعمولِ؛ لِأنَّ المعمولَ حَقُّه أَنْ يَكونَ بَعدَ العاملِ، فَإذا قُدِّم كان هَذا مِن بابِ تَقديمِ ما حَقُّه التَّأخيرُ، وتَقديمُ ما حَقُّه التَّأخيرُ يُفيدُ الحصرَ، هَذه قاعدةٌ لُغويَّةٌ بَلاغيَّةٌ.
{يُرَدُّ} أَيْ: يَرجِعُ {عِلْمُ السَّاعَةِ}.
يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [مَتَى تَكونُ لا يَعلمُها غَيرُه]، أَخَذَ هَذا الحصرَ لا يَعلَمُها غَيرُه مِن تَقديمِ المَعمولِ وهو {إِلَيْهِ}.
وهَذا لا شَكَّ فيه أَنَّه لا يَعلَمُ مَتَى تَقومُ السَّاعةُ إِلَّا اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، ولِهذا قال اللهُ تَعالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف: ١٨٧]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute