للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعني: ما عِلْمُها إِلَّا عِندَ رَبِّي: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: ١٨٧].

وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وقَدْ سَألَه جِبريلُ: أَخْبِرني مَتَى السَّاعةُ؟ قال: ما المَسؤولُ عَنها بِأعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ" (١).

يعني: أَنَّه لا عِلمَ عِندي كما أَنَّك أنت ليس عِنْدكَ عِلمٌ، وعَلَى هَذا فَمَنِ ادَّعى عِلْمَ السَّاعةِ فهو كاذبٌ لا شَكَّ فيه ثُمَّ هو كافرٌ أيضًا؛ لأنَّه مُكذِّبٌ للقُرآنِ وَالسُّنَّة.

قال اللهُ تَعالى: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} قَوْلُه: {وَمَا تَخْرُجُ} قَدْ يَتراءى لِلإنسانِ أَنَّ (ما) اسمٌ مَوصولٌ يَعني: ويُرَدُّ إِليهِ عِلْمُ: {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} ولكنَّ هذا وَهْمٌ، وعَلَى هَذا فنَقُولُ: (ما) نافيةٌ.

يَقُولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: ["وَما تَخرُجُ مِن ثَمَرَةٍ" وَفي قِراءةٍ {ثَمَرَاتٍ}. المفسِّر فَسَّر على قِراءةِ "ثَمَرةٍ" مُفردةٍ، والقراءَةُ الَّتي بَين أَيْدينا في المصحفِ {مِنْ ثَمَرَاتٍ}، وَاعْلَمْ أنَّ للمُؤلِّف - رَحِمَهُ اللهُ - اصطلاحًا وهو أَنَّه إِذا قال: [وفي قراءةٍ] فَهي سَبْعيَّةٌ، وَإِذا قال: [وقُرِئَ] فهي قراءةٌ شاذَّةٌ ليست مِنَ السَّبْعِ هَذا اصطلاحُ الجَلالَينِ - رَحِمَهُمَا اللهُ -.

إِذنْ: في قِراءةِ {ثَمَرَاتٍ} القراءةُ هَذه سَبْعيَّةٌ يَعني: أَنَّها ثابتةٌ تَجوزُ القراءَةُ بِها في الصَّلاةِ، وَتَكونُ حُجَّةً في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ وَفي الأَخبارِ العلميَّة.

فَأمَّا عَلَى صيغةِ الجمعِ فَواضحٌ {مِنْ ثَمَرَاتٍ} كُلُّ الثَّمراتِ، وأمَّا عَلى صيغَةِ الإفرادِ فَهي أيضًا تُفيدُ العمومَ؛ لِأنَّ "ثمرة" نَكِرَةٌ في سياقِ النَّفيِ مُؤكَّدةٌ بِمِن الزَّائدةِ فتَشملُ جَميعَ الثَّمراتِ، وعَلَى هَذا فَلا اختلافَ في المَعنَى بين {ثَمَرَاتٍ} وَ"ثمرة".

يَقولُ المُفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [{وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثمرة}، وفي قِراءةٍ {ثَمَرَاتٍ} {مِنْ أَكْمَامِهَا}


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب معرفة الإيمان، رقم (٨)، من حديث عمر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>