أمَّا التَّقسيمُ الثَّاني فقال:{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} بيَّنَّا لهم طَريقَ الهُدى.
{ثَمُودُ} بِلا تَنوينٍ و (عادٌ) بتَنوينٍ؛ لأنَّ (ثمودَ) مَمْنوعَةٌ مِن الصَّرفِ و (عاد) ليست مَمْنوعَةً مِنَ الصَّرفِ، والصَّرفُ جرُّ ما لا يَنْصرِفُ بالفَتْحةِ أو عَدمُ التَّنوينِ، قال ابنُ مالكٍ (١):
الصَّرفُ تَنوينٌ أتى مُبيِّنًا ... مَعْنى به يكونُ اسمٌ أَمْكَنا
يَقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} بَيَّنَّا لهم طَريقَ الهُدَى]، فالهِدايَةُ هنا هِدايَةُ بَيانٍ، يعني بَيَّنَ لهمُ الحَقَّ.
واعلم أنَّ كُلَّ مَن كَفَرَ فإِنَّه كَفَرَ بعدَ أن تَبيَّنَ له الحَقُّ إذا جاءَه الرَّسولُ؛ لأنَّ الرُّسلَ -عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ- يُبَيِّنون الحَقَّ لا يَدَعونَ شيئًا يَحتاجُ إلى بَيانٍ إلَّا بيَّنوه، قال هُنا:{فَهَدَيْنَاهُمْ} أي: بَيَّنَّا لهم طَريقَ الحقِّ، فالهِدايَةُ هُنا هِدايَةُ بَيانٍ وإِرْشادٍ.