للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيات (٣٠ - ٣٢)]

* * *

* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: ٣٠ - ٣٢].

* * *

قولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ}، قالوا بألْسِنَتِهم وقُلوبِهم، ولا يَكفي مجُرَّدُ القَولِ باللِّسانِ؛ لأنَّ القَولَ باللِّسانِ يَقعُ مِن المُنافقِ ومِنَ المُخلصِ، لكنَّ المُرادَ: القَولُ باللِّسانِ والقَلبِ.

{قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ} وهذا القَولُ الَّذي قالوه ليس مجُرَّدَ قَولٍ باللِّسانِ أو اعتِقادٍ بالجَنانِ، بل هو مُستلزِمٌ لطاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ولهذا قال: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} أي: استَقاموا على طاعَةِ اللهِ، في الإيمانِ في القَلبِ والاستِقامَةِ في الجَوارحِ، فلم يَكتَفِ اللهُ بالثَّناءِ عليهم وبَيانِ جَزائِهم على الإيمانِ بالقَلبِ، بل لا بدَّ مِنْ الاستِقامَةِ، ولهذا قال: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا}، وقول المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [على التَّوحيدِ وغَيرِه ممَّا وَجبَ عليهم] صَحيحٌ، يعني: استَقاموا على التَّوحيدِ فلا إِشْراكَ، استَقاموا على الِاتِّباعِ فَلا بِدعةَ، استَقاموا على الطَّاعَةِ فلا مَعصيَةَ، استَقاموا على الخَيرِ فلا شَرَّ، وهَلُمَّ جرًّا.

وتَأمَّلْ قولَه: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} أتى بـ {ثُمَّ} الدَّالَّةِ على التَّرتيبِ بمُهلَةٍ يعني:

<<  <   >  >>